احتفلت الجزائر بالذكرى 67 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهي تتطلع لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، سواء من خلال التشريعات أو تجسيدها في واقع يصعب التكيّف معه بسهولة في ظل كثرة التحولات وسرعتها، وفي ظل عولمة قاتلة تتميز بالنفاق واتخاذ حقوق البشر مطية للتدخل وزرع الفوضى والإبادة الجماعية.
إن المتطلع لأوضاع حقوق الإنسان في الجزائر من الجانب السياسي، يلمس ذلك العنف الذي يميز الكثير من الخطابات السياسية التي وصلت في الكثير من المرات للحديث عن الحياة الشخصية للأفراد وتبادل الشتائم والتنابز بالألقاب في صورة بعيدة كل البعد عن الآمال والتطلعات التي كانت تنادي بترقية الحقوق السياسية والمدنية، ولنا أن نقارن قبل المطالبة بتلك الحقوق، بعد أن أصبحت سارية المفعول.
إن الواقع السياسي في الجزائر وعلى مستوى الأحزاب خاصة ومن خلال الحصص التلفزيونية والنقاشات، نلاحظ انتشار العنف بشكل كبير جدا يعكس نفسية العديد من المسؤولين الذين لا يجدون سوى السب والشتم لتسويق خطاباتهم وحتى وسائل الإعلام تفضل السب والشتم لاعتقادهما بأن ذلك يجلب أكبر قدر ممكن من القراء دون مبالاتهم بالتأثير السلبي على الرأي العام.
من المجالات التي تعرف مخاضا عسيرا، واقع المرأة في المجتمع، فكل التشريعات والمبادرات التي اتخذت في حق المرأة لم تزدها إلا متاعبَ، بسبب المقاومة الكبيرة التي تبديها عديد الأطراف، وكذا صعوبة تطبيق العديد من المواد التي تحتاج إلى تحضير مسبق. فالمتتبع للقضايا المرفوعة في المحاكم يجد نفسه أمام سؤال كبير، هل فعلا تم تبليغ مختلف التشريعات للرأي العام حتى يفهمها ويعمل بها؟
في ما تبقى حرية التعبير والصحافة في الجزائر بحاجة إلى كثير من المراجعة، خاصة في ظل غياب الحديث عن المسؤولية والمطالبة فقط بالحرية، وهو ما جعل الكثيرين يتجاوزون الحدود وبات السب والشتم والقذف والتزلف والتملق أبرز سمات الصحافة في الجزائر التي تحولت إلى جهاز قضائي مواز يحكم على من يشاء بالخير ويجرم من يشاء.
إن حقوق الإنسان هي مرجعيات وأخلاق واحترام للآخر وليست ندوات وملتقيات يسمع فيها الكلام المعسول وعند الانتهاء من تلك النشاطات تصطدم بالواقع المر.