حراك سياسي متعدد والبديل هو الحل

التهويل لا يخدم المصلحة الوطنية

جلال بوطي

يعرف المشهد السياسي الوطني تغيرا جذريا عبر مضامين الخطابات السياسية المتداولة بين ممثلي الأحزاب في تحليلهم للواقع الاقتصادي والاجتماعي، في ظل غياب بديل مقنع لبعض الأحزاب التي تتبنى طرحا مغايرا لمسعى استقرار الوطن، في وقت تمر البلاد بظروف استثنائية أملاها الواقع الإقليمي والدولي.
يبدو أن أصحاب السياسة لم يجدوا حلا لاستمالة المواطنين نحو تبني مشاريعهم المطروحة، سوى اتخاذ المنابر السياسية كحل وحيد لذلك، رغم أن الظروف التي تمر بها البلاد تستدعي دعما للوعي الوطني لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تحيط بها من الناحية الأمنية والاقتصادية إقليميا ودوليا.
التراشق السياسي بلغ ذروته حين يتزايد ممثلو الأحزاب في وطنيتهم ويتبادلون التهم بدل وضع حلول مناسبة وبدائل ترضي الشعب قبل الطبقة السياسية. فالمعارضون لبعض مواد قانون المالية، لم يقدموا بديلا مقنعا يلتف حوله المواطن، في حين لجأوا إلى أسلوب التهويل والتخويف وهو فعل غير أخلاقي، كما أنه لا يتمشى وتقاليد الممارسة السياسية.
المصطلحات الموظفة في الخطابات لم تعد ترقى إلى فكر طبقة النخبة التي لا ترى في الجدل السياسي القائم بين الأحزاب السياسية سوى المصالح الشخصية، الدافع الأول إلى توجيه أصابع الاتهام واعتماد أسلوب المعاداة في تحقيق ذلك، فمصلحة الوطن أولى من تحقيق مآرب شخصية تحت مسميات غامضة وهو ما تقوم به بعض الأحزاب.
في ظل هذا الحراك السياسي المتزايد، يبدو أن المواطن غيّب تماما من حلقة اهتمامات أحزاب بات همها الوحيد التعبئة الشعبوية والتفنّـن في الاتهامات الشخصية، ربما استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة ضمانا لأكبر عدد من المقاعد في المجالس المنتخبة المحلية والبرلمانية.
خطابات يومية يعرفها المشهد السياسي تحمل دلالات واضحة هدفها الأول خدمة المواطن، إلا أنها تعمق انشقاق الأخير وتنفّره من الحياة السياسية في ظل المخاوف من تراجع الوضع الاقتصادي للبلاد وتأثيره على الحياة الاجتماعية، فمسعى المواطن البسيط اليوم يقتصر على توفير الرفاهية والعيش الكريم بعد نفوره من احتدام الصراع بين الطبقة السياسية في ظل الانفتاح السياسي والإعلامي، تزامنا مع الوضع الذي يفرض تحكما أكبر من أي وقت مضى في زمام الأمور والنأي بالوطن عن أي صراعات لا تحمد عقباها.
المواطن يستغرب التغيير الجذري الذي يرسم ملامح وضع اقتصادي واجتماعي جديد فرضته التحولات العالمية، جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق، لكن تحكم الحكومة في الوضع، بحسب الوزير الأول، في تصريحات سابقة، يجنب البلاد الوقوع في أزمة اقتصادية، حسب النتائج المحققة وطنيا، ويزيل الغموض عن المخاوف.
صحيح ومنطقي أن يدعو ممثلو الأحزاب بعضهم بعضا إلى مناظرات تلفزيونية أو لقاءات وجها لوجه، لكن بطريقة أخلاقية ومهنية في إطار الحفاظ على سيادة البلاد وما يمليه الدستور من الاحتكام إلى الوطنية والحفاظ على المكاسب المحققة بعيدا عن مزايدات قد تشحن المواطن وتوجهه إلى اتخاذ أساليب مغايرة للتعبير عن إرادته.

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19831

العدد 19831

الخميس 24 جويلية 2025
العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025