يعرض، اليوم، وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة، مشروع قانون المالية للسنة الجديدة 2016 على أعضاء مجلس الأمة، أياما قليلة بعد المصادقة عليه من قبل ممثلي الشعب بالمجلس الشعبي الوطني، على أن يتبع العرض بالمناقشة والمصادقة لاحقا، ليتم التوقيع عليه من طرف رئيس الجمهورية قبل انقضاء الشهر الجاري كما ما جرت عليه العادة.
على الأرجح لن يجد بن خالفة صعوبة في تمرير مشروع قانون المالية الجديد على مستوى الغرفة البرلمانية العليا ممثلة في مجلس الأمة، لاسيما وأنه رغم انتقاد النواب الواسع لبعض المواد منه، على غرار المادة 66 المتعلقة بفتح المؤسسات العمومية، التي أسقطتها اللجنة وتم تمريرها بتعديل شفهي للوزير الوصي في جلسة المصادقة، وكذا المواد التي أقرت زيادات في الكهرباء والغاز والماء، إلا أن الأغلبية مررته بكل سهولة خلال جلسة فضل نواب المعارضة الانسحاب منها في نهاية المطاف بعد إسقاط التعديلات المقترحة من قبلهم.
ورغم ذلك، فإن النقاش الثري الذي ميز مناقشة مشروع القانون، الذي يأتي في ظرف اقتصادي حرج يقتضي اتخاذ تدابير تجنب الاقتصاد الوطني الأسوأ في ظل أزمة اقتصادية، نتجت عن انخفاض أسعار النفط وما ترتب عنه من تراجع المداخيل إلى أكثر من النصف، أعاد للبرلمان حركية لم تسجل منذ مدة، رغم أن الاختلاف بلغ حد الخلاف وأكثر من ذلك بعد التعارك بالأيدي، إلا أن المحللين يرون في ذلك مؤشرا إيجابيا وظاهرة صحية، لاسيما وأن البرلمان الجزائري بذلك لا يصنع الاستثناء، بل يجعله في موقعه الطبيعي يعيش على وقع حركية تؤشر على نشاطه.
وإذا كان ممثلو الشعب عموما غير المنتمين إلى الأحزاب المعارضة، رأوا في الزيادات التي أقرها مشروع القانون إثقالا لكاهل المواطن الجزائري، كونها تؤثر سلبا على قدرته الشرائية، حيث عارضوا خوصصة المؤسسات العمومية، لاسيما منها الاسترتيجية وفق ما تنص عليه المادة 66 وكذا المادة 53 المتعلقة بالتنازل عن العقار السياحي للمستثمر، وكذا المادة المتعلقة بإعفاء المستثمرين المستفيدين من تحفيزات جبائية من شرط الاستثمار، قبل مراجعة المادة وإلزامهم باستثمار 30 من المائة من أرباحهم، فإن أعضاء مجلس الأمة وإن انتقدوا القانون في شقه المتعلق بالزيادات، إلا أنهم - شأنهم شأن زملائهم في الغرفة السفلى - سيمررون القانون وذلك بأصوات ممثلي التجمع الوطني الديمقراطي «الأرندي» وجبهة التحرير الوطني «الأفلان»، وكذا أعضاء الثلث الرئاسي.