لم يتجاوب معظم التجار مع التحفيزات التي أقرتها السلطات لترسيم نشاطاتهم وتسوية أوضاعهم تجاه مصالح الضرائب والضمان الاجتماعي بما يخدمهم، وتحصيل بعض مستحقات الاقتصاد الوطني.
الغريب في الأمر أن تجار السوق الموازي يواصلون تجاهلهم لمختلف الدعوات للتجاوب مع مختلف الإجراءات الجديدة، في الوقت الذي يبقى فيه العمال الأجراء الفئة الأكثر انتظاما في دفع الاشتراكات ومختلف الحقوق بنسبة تصل إلى 30 بالمائة من الأجر تذهب لمصالح الضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد.
وتصل الاقتطاعات الشهرية لبعض الأجور أكثر من 40 ألف دينار وهو ما لا يدفعه الكثير من التجار الذين تفوق أرباحهم أكثر من 200 ألف دينار في مفارقات غريبة في عالم الشغل بالجزائر.
ويعود الحديث بقوة هذه الأيام عن فرض التعامل بالشيك كإجراء لترسيم السوق الموازي والقضاء على التهرب الضريبي الذي يفوق في الجزائر أكثر من 3000 مليار دج، فالواقع أنتج إمبراطوريات وجنات ضريبية في بعض المناطق كالعلمة، وعين فكرون، وجسر قسنطينة لتجارة الصناعات الغذائية وغيرها من مختلف مناطق الوطن، حيث هناك أموال طائلة تحسب بوزنها في موازين خاصة، وهو ما يعكس تدني قيمة الدينار، و فشل كل مخططات إنقاذه في الإبداع الكبير الذي يجدونه للتهرب من النشاط الرسمي.
و حتى الزيادات الأخيرة التي جاء بها قانون المالية والتي مسّت أسعار الوقود سيدفعها المواطن البسيط ، حيث ستضاف لها أعباء جديدة فأسعار النقل تم رفعها بنسب ستغطي مصاريف أرباب النقل في الجزائر وستضاعف من أرباحهم ودون دفع الضرائب اللازمة وعلى ظهر المواطن في صورة تؤكد تحمل الأجراء كل التبعات السلبية للزيادات في مختلف أسعار المواد الأساسية، وحتى الزيادات التي تمس أجرته يمتصها التضخم والسوق الموازي وهكذا يبقى الاقتصاد الوطني يسير في متاهات كبيرة.
و حتى عندما تعاود أسعار النفط الارتفاع تبقى الزيادات المبرمجة سارية المفعول ولم تعرف الجزائر أي انخفض منذ الاستقلال في صورة تؤدي بنا إلى المجهول.
و نصّت وثيقة الدستور الجديد على ضرورة ترقية العدالة الاجتماعية من خلال وضع الجميع أمام القانون وعدم التسامح مع حقوق الدولة لأن التراخي والانصياع لضعاف النفوس سيجعل المجتمع يدفع الثمن غاليا.