تعديلات حملت تغييرات جذرية

الحقوق الفردية والحريات الجماعية مضمونة

جمال أوكيلي

وثيقة فريدة لم يحلم بها أحد

وصف المحامي والأستاذ في القانون الدستوري بيطام نجيب، التعديلات الواردة في المشروع التمهيدي بالفريدة من نوعها، من حيث ما جاءت به من عناصر جديدة لم تكن من قبل، بدليل أن كل الدساتير السابقة غابت عنها هذه الحيثيات الحيوية التي ترمي فيما ترمي إلى ترقية أداء المؤسسات واستحداث التوازن بين السلطات والأكثر من هذا إدراج الفعالية في العلاقات بينها.
نوّه الأستاذ بيطام بهذا العديل العميق الذي مس الدستور والذي يهدف في الأساس إلى ترجمة انشغالات كل من شارك في هذا المسعى، كونه تتويجا لورشة واسعة من الإصلاحات. وعليه، فإن ما تم اقتراحه متوفر أو بالأحرى موجود في هذه الوثيقة وهنا يكمن البعد التوافقي، أي أن الضمانات التي طالب بها البعض حاضرة بكل ما تستحقه من رغبة عميقة للتكفل بها لاحقا.
ويرى الأستاذ بيطام، أنه كان بالإمكان عدم الأخذ بما يسمى «التوافق» في هذا الدستور، لأن جوهر التعديلات لا تنجز من أجل تلبية طلبات معينة وإنما في نظر المؤسس الدستوري هو التفكير في أبعد من ذلك بناء مؤسسات وإقامة سلطات قادرة على القيام بالصلاحيات المخولة لها.
التوجه الجديد في هذه التعديلات الحالية، هو إشهاد الجميع على التغييرات الجذرية التي لحقت بهذا الدستور وهذا في مسارها الإيجابي الذي يقدر حق التقدير هذا المضمون لا نجده أبدا في دساتير بلدان أخرى لها سوابق في هذا المجال الحيوي في الحقوق والحريات والقضاء، أي المسائل التي مافتئ المعنيون يطالبون بها.
اليوم يجدون أنفسهم وجها لوجه مع وثيقة تعززت بمكاسب تاريخية كانت مجرد حلم من الأحلام في وقت سابق وهذا في كل الجوانب الحساسة جدا كان الكثير يتخوف أو يتردد في تدوينها كمادة من المواد الصريحة.
هذه الإحاطة الشاملة بالدستور المعدل، إنما يترجم كذلك تلك الإرادة الصادقة والحس المسؤول في الانفتاح على القيم الإنسانية العالمية التي تؤمن بها الجزائر أيما إيمان، زيادة على توقيعها على كل المعاهدات والاتفاقيات والمصادقة على الوثائق تتعلق بالتوجهات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسان هذا من جهة، ومن جهة ثانية هو دليل قاطع على أن الجزائر أسقطت كل الطابوهات التي مايزال البعض يتخوف منها وبهذا تكون متكيّفة مع تلك الأبعاد الأنسانية وهذا مهم جدا، علينا أن ندعمه ونعززه لاحقا وهذا بفضل التحلي بروح المواطنة واحترام القانون.
في هذا الإطار، فإن ما ورد في الدستور من قضايا يتساءل البعض عنها، إنما هي مطلب من مطالب كل من كان محل استشارة وألح على أن تحتل الحيز الذي يأمله ولا نستغرب أبدا من إيلائها هذا الاهتمام الكبير.
وهذا هو سر هذا المشروع التمهيدي، أي أنه أحصى كل صغيرة وكبيرة وأضفى عليها الطابع الدستوري على أساس أنها مكاسب مضمونة لا يمكن التصرف فيها كما يحلو مستقبلا، وهنا الكثير من الأمثلة الملموسة والشائكة في آن واحد كالقضاء، الذي يعرف تدريجيا نقلة نوعية من كل النواحي، كونه قطاعا يتطلب الكثير من التريث والصبر وبعد النظر قصد اتخاذ أي قرار بشأنه. وتكفي إطلالة على الحقوق والحريات والسلطة القضائية لنكتشف هذا التغير الجذري، ناهيك عن مسائل أخرى أكثر حساسية.
لكن إيمان المؤسس الدستوري بالانفتاح الذي عاشه المجتمع الجزائري، وتراكم التجربة وحصيلة التغييرات، أدت فيما أدت إلى ضرورة بلوغ مرحلة أعلى في العمل السياسي أو بالأحرى المؤسساتي في الجزائر والدليل الأكبر أو الثابت على ذلك المشروع التمهيدي الحالي المعدل للدستور.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024