فصل المؤرخ حسين توزوت، في احتفائية اليوم الوطني للتاجر، المنظم بولاية المدية، في إضراب 08 أيام 1957، موضحا أن كل من العربي بن مهيدي، عبان رمضان، كريم بلقاسم، يوسف بن خدة وسعد دحلب بصفتهم أعضاء الهيئة التنفيذية للثورة، هم من خططوا وقرروا له لإظهار التلاحم بين مختلف فئات المجتمع والنضال التحرري.
قال المهتم بالتاريخ:» إن الإضراب هدفه إعطاء صورة واضحة لفرنسا بأن الثورة، قد كسبت ثقة الشعب كله بالريف وبالمدن، رغم ما يحيط هؤلاء السكان من تضييق وحراسة وضغط واعتقالات، من طرف مختلف الأجهزة الأمنية الفرنسية بنحو 14 جهازا، إلى جانب فرض الثورة الجزائرية كحل بديل لما تحاول فرنسا فرضه في الإعلام العالمي وهيئة الأمم المتحدة، وإعطاء ورقة قوية للمفاوض الجزائري على مستوى الأمم المتحدة لتمكين المجموعة الدولية من برمجة القضية في جدول أعمالها».
وقال توزوت إن الحدث كشف أن سكان المدن تجاوبوا مع نداء قيادة الثورة زادوا في كسبت تأييد الشعب الجزائري في الأرياف، وفي المدن على حد سواء تحت قيادة جبهة التحرير الوطني.
وصف توزوت ما حدث في هذه الفترة نحو الشعب الجزائري بمعركة التعذيب، معتبرا في ختام مداخلته بأن إضراب الثمانية أيام الشهير في ذلك الوقت وبعد 128 سنة من الإستدمار والتجهيل والتفقير والتقتيل والإبادة والجرائم الجماعية والمجازرالتي مارسها الفرنسيون على الشعب الجزائري يمكن القول فعلا أنها معجزة : كيف لا والمدن الكبرى كانت خاوية على عروشها، فالعاصمة على سبيل المثال، كانت فارغة من المارة كليا، فالجزائريون التزموا وقتها ديارهم استجابة لطلب الثورة والأوروبيون لم يفهموا شيئا فالتزموا ديارهم تحسبا وتخوفا وترقبا لما قد يحدث، وقليل منهم من المعمرين وأبنائهم والمجندين منهم تحت غطاء اليد الحمراء خرجوا لمواجهة الوضع الجديد مع جيش المظليين، الذي عاث فسادا في المحلات التجارية وما تحتويه، حيث فتح بعضها بالقوة وأجبر العديد من التجار على فتح محلاتهم فرفض من رفض وقتل من قتل أمام باب متجره وعددهم كبير، وزجّ بمن زجّ في المعتقلات والسجون ومراكز التجميع والفرز.
أكد الباحث أنه بالعودة إلى سجلات الوفيات الخاصة بالجزائريين بين شهر فيفري 1957 وجوان من نفس السنة، نجد عددا كبيرا من الشهداء في هذه المرحلة يفوق بكثير أعداد الوفيات في غير هذه المرحلة والسبب في العاصمة وما جاورها، و في المدن الكبرى الأخرى، هو ملحمة معركة الجزائر.
كما أن إضراب 08 أيام الذي نحيي ذكراه إجلالا وتقديرا لروح الشهامة والشجاعة والأخلاق النبيلة التي كان يتحلى بها تجار الجزائر وعمالها رحمهم الله وأطال عمر الأحياء منهم، داعيا بهذه المناسبة المؤرخين والكتاب والأدباء والقصاصين أن يهتموا بقصة الإضراب، وتحويل سيرة كل تاجر منهم إلى قصة تروى للأجيال حتى يعرف أبناؤنا تجارا كانوا أوعمالا، هنا وهناك كيف كان أجدادهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وكيف كانوا يلتزمون بالقيم الفاضلة والأخلاق النبيلة حتى ولو كلف ذلك ترك الأبناء والأحوال من أجل الحرية والاستقلال .