تزداد الحاجة لخدمات “كناس” في المرحلة الراهنة
يمثل الضمان الاجتماعي الذي يكرسه الدستور مكسبا ثمينا، لما يقدمه من خدمات ذات كلفة تتحملها المجموعة الوطنية. ويلعب الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء “كناس” دورا بارزا في تجسيد الخيار الاجتماعي للدولة، كونه دعامة للاستقرار المهني في عالم الشغل، وعامل أساسي لحماية وتطوير الإنسان. وتتطلب هذه الوظيفة الجوهرية في بناء وتوسيع مجال التغطية الاجتماعية في بلادنا التزام كافة المتدخلين في دواليبها بالعمل على تنمية ثقافة حماية الجهاز، خاصة في هذا الظرف، وذلك من خلال حرص المستخدمين على التصريح بالعمال ودفع الاشتراكات في وقتها من جهة، وحرص المواطن المستفيد من خدمات الصندوق على تفادي أي غش أو محاولة السعي لاستفادة غير مستحقة، تعبيرا عن إدراكه لمدى الشعور بالمسؤولية الجماعية.
إن موارد الصندوق المتأتية من اشتراكات العامل والمستخدم ودعم من الدولة، تعتبر ادخارا وانفاقا عموميا لتمويل خدمات ذات كلفة، ومن ثمة تستوجب الحماية وترشيدها حفاظا على الدور المتميز للصندوق، خاصة في ظل ارتفاع حجم الطلب على خدماته، بحيث يمثل ركيزة اجتماعية هامة تقلص من المتاعب المالية للمواطن. ولعل أكبر فجوة تعرض هذه الموارد للضياع أو تؤول إلى غير وجهتها القانونية المستحقة، ظاهرة العطل المرضية المغشوشة والتلاعب بالوصفات الطبية من أجل الحصول على تعويضات غير مستحقة. ويندرج هذا السلوك غير المواطني والمتعارض مع قيم التمدن في خانة الفساد، الذي يعرض مؤسسة اجتماعية مثل “كناس” لخطر استنزاف الموارد المالية، التي يمكن أن توجه لتنمية خدمات اجتماعية مختلفة أو تحسين النوعية فيها، مثلما تسطره المديرية العامة للصندوق، قناعة منها أن المواطن يمثل الغاية النهائية لكل الإجراءات المقررة.
ويتحول دور المراقبة الصارمة والشفافة إلى ضرورة لمكافحة الغش، أي ينخر الجهاز بما يحفظ حقوق المؤمنين كاملة، بحيث لا يعقل أن تتحول أموال في شكل تعويضات لفائدة أشخاص بغير وجه حق، يحسنون التلاعب بالوثائق، مستفيدين من طبيعة الصندوق الاجتماعية دون مراعاة الحقوق المشروعة لمؤمنين آخرين، يتحملون انعكاسات تلك الممارسات التي لا تشرف أصحابها.
ولا غرابة أن تصبح مثل هذه المؤسسات التي يتزايد دورها في ظل أزمات تضرب المجتمع حديث العام والخاص، من باب الانشغال بحمايتها، والحرص على أن يستمر دورها للتخفيف من متاعب المؤمنين، ومرافقتهم في مواجهة الحاجة إلى خدمات اجتماعية مختلفة ذات طابع صحي وتأميني بالخصوص.
ويزداد حجم الحاجة لمثل هذه الخدمات في المرحلة الراهنة، بالنظر لإفرازات التحولات وتداعياته الصعبة، مما يجعل الحفاظ على التوازن المالي حتمية مصيرية، دون الإضرار بالخدمات أو المساس بالمكاسب.