تبدي الحكومة رغبة شديدة، في تحقيق الانتقال الاقتصادي البديل للمحروقات، وتراهن في ذلك على استغلال جميع الموارد الطبيعية وتوفير الإمكانيات المادية والتسهيلات القانونية، غير أنها لم تقتنع لحد الآن بالوتيرة الحالية المنتهجة من قبل المتعاملين الاقتصاديين.
استغل الوزير الأول عبد المالك سلال، خرجته الميدانية لولاية عنابة، لتوجيه رسائل صريحة للفاعلين الاقتصاديين الجزائريين في جميع القطاعات، تفيد «بضرورة المرور إلى السرعة القصوى، في الرفع من النجاعة ومردودية الإنتاج».
ولمس سلال، خلال ذات الزيارة، أن تجاوب أصحاب المشاريع والمستثمرات، لا تساير بالشكل المطلوب، التسهيلات التي أقرتها الحكومة من خلال الإصلاحات الاقتصادية المتعاقبة والأطر القانونية، آخرها قانون المالية 2016.
وجدد التذكير، بأن رهان الدولة للخروج من دائرة التبعية المطلقة للمحروقات، يعتمد «على الفلاحة، الصناعة، المناجم، السياحة والاتصالات»، وأشار إلى أن الآمال معلقة على القطاعين الأوليين، لسبب بسيط هو «خفض ورادات البلاد من المواد المصنعة والنصف مصنعة والمواد الغذائية التي ترفع سنويا فاتورة الاستيراد بشكل رهيب».
ومن الاستنتاجات التي خلص إليها سلال، في زيارته، أن المستثمرين الوطنيين لا يستغلون الإمكانات الطبيعية الهائلة المتاحة لتنمية مشاريعهم ورفع طاقتهم الإنتاجية، حيث وجه انتقادات شديدة لمعدل إنتاج البقر للحليب.
وقال لصاحب مستثمرة خاصة «في أمريكا البقرة الواحدة تنتج 80 لترا، وأنت تتحدث عن 6 لترات، عليك طلب العفو من الجزائريين، عندما تصرح برقم كهذا، وهو مضاد للاقتصاد». واعتبر الوزير الأول، أن غياب المردودية يعود بالأساس، إلى عدم التحكم الجيد في الحرفة، «لأن المربين لا يوفرون الأنظمة الغذائية المطلوبة».
وأشار إلى أن التنمية المحلية الحقيقية تمر عبر الاستغلال العقلاني والأمثل، للمساحات الشاسعة من الأراضي، والطاقات الهائلة من الموارد المائية، حينما قال «الدولة عازمة على استغلال جميع طاقاتها، وهذا خيار حتمي من ينضم إليه فمرحبا ومن يرفض عليه الابتعاد عن الطريق».
توجهات الحكومة، نحو تنويع الاقتصاد الوطني لا تتعلق فقط، بمنح التسهيلات لحملة المشاريع وإعطائهم الدعم اللازم، ويتعداه إلى غرس ثقافة التصدير واصطياد الأسواق الخارجية، فالعجز الذي سجل مؤخرا في تسويق بعض المنتجات الفلاحية، يعود حسب «سلال إلى غياب ثقافة التصدير والتعود على الاستيراد من الخارج»، الأمر الذي يعطي بصيص أمل، حول وجود نية حقيقية للتخلص من اقتصاد الحاويات.
الدولة الجزائرية، وبالنظر إلى صعوبة الظرف الحالي، والخسائر الكبيرة المسجلة في المداخيل من العملة الصعبة، تدرك الطابع الاستعجالي للتصرف واستباق أزمة عصيبة، وتهدف من خلال مناوراتها إلى الموازنة على الأقل بين الصادرات والواردات، من خلال شطب عديد المنتجات من قائمة الاستيراد، على غرار الإسمنت والحديد، حيث ستتحول الجزائر إلى بلد مصدر للمادتين مطلع السنة القادمة.