19 مارس 1962 في الصحافة الفرنسية والأمريكية

نهاية مشروع استيطاني فرنسي وبداية عهد جزائري مُشرق

فتيحة / ك.

يرتبط تاريخ التاسع عشر مارس بالنصر، لأنه مثّل ويمثل للجزائريين المحطة الأخيرة لنضال دام سنوات طويلة، رفعوا فيه التحدي في وجه المستدمر الذي احتفل قبلها بمئوية تواجده في أرض اعتبرها منذ أن وطأت أقدامه أرضها الطاهرة في 1830 فرنسية ولا شيء غير ذلك.
هذه المحطة التاريخية كانت المادة الدسمة لكثير من العناوين الإعلامية العالمية التي اعتبرت الحدث انتصارا للسلام في الجزائر، مثلما توّقفت «الشعب» عند هذه الكتابات الاعلامية.
^«نيويورك تايمز» كتبت في عددها الصادر، يوم الاثنين 19 مارس 1962: «بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب التحريرية التي خاضها الجزائريون ضد فرنسا الاستعمارية كان هناك وقف لإطلاق النار بالجزائر، والذي دخل حيز التنفيذ ظهرا، بالتوقيت المحلي، وفقا للمادة 1 من اتفاقيات «إيفيان».

- «لوفيغاروا» الفرنسية عنونت بالبنط العريض على صفحتها الأولى إعلان عام: «التعاون بين فرنسا والجزائر يستجيب لمصالح البلدين»، وتحته مباشرة: بن خدة من تونس: «أمر إلى كل أفراد جيش التحرير الوطني بوقف العمل المسلح».
هذه العناوين التي قرأتها وجدتها توحي بذلك القلق الذي عاشه الفرنسيون الذين انساقوا وراء الأوهام وظنوا ان المشروع الاستيطاني حقيقة وليس خيالا. لأن الجزائر كانت بالنسبة لهم الجنة الموعودة على وجه الأرض، ولكن الرفض والانتفاضة والهبة الجزائرية التي التحمت فيها مختلف القوى والتركيبة الاجتماعية أعطت للثورة الجزائرية شعبية وشمولية مسّت حتى عمق التراب الفرنسي نفسه..

- «فرانس سوار» عنونت صفحتها الأولى بـ «إعلان إلى الجيش، وقف إطلاق النار عند منتصف النهار في كل الجزائر» وعلقت على صورة بين طفل أوروبي وطفل جزائري كتب عليها من أجل أطفالنا: السلام في الجزائر، هي الكلمات التي تبحث بين طياتها عن مواساة عن الخسارة الكبيرة للفرنسيين على أرض الشهداء، لأن الطفل الجزائري نضج قبل أوانه بسبب المعاناة التي كان يقاسيها على أرضه بسبب المستعمر الذي اعتبره «أندي جان» لا يمكنه أن يتحضّر، ولكنه برهن كما فعل عمر ياصاف وآخرون أنهم كما الكبار آمنوا بجزائر مستقلة.

- «لومانيتي» مثل زميلاتها من الصحف فكتبت بالبنط العريض «السلام في الجزائر» ، أما «لوجورنال» فخصصت الصفحة 5،6 و 7 لاتفاقيات «ايفيان» و كل ما تبلور عنها وكتبت في صفحتها الأولى عن هذا التاريخ  «مرحلة مصيرية».
هي بعض المحطات التي توقفت عند تاريخ يوم الاثنين 19 مارس 1962 في العالم والتي اجتمعت على عنوان واحد هو الانتصار الكبير الذي لخّصه خطاب الرئيس المرحوم يوسف بن خدة الذي ألقاه في عيد النصر، الذي اختصر خلاله مسيرة نضال من أجل الحرية والوطن المستقل.

الرئيس يوسف بن خدة في خطاب الانتصار

أيها الشعب الجزائري ..
بعد عدة شهور من المفاوضات الصعبة الشاقة، تحقّق اتفاق عام في ندوة إيفيان بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي، وهذا نصر عظيم للشعب الجزائري الذي أصبح حقه في الاستقلال مضمونا.
ونتيجة لذلك، باسم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية المفوّضة من طرف المجلس الوطني للثورة الجزائرية، فإنني أعلن وقف إطلاق النار في كامل أنحاء الوطن الجزائري، ابتداء من يوم الاثنين 19 مارس 1962 على الساعة 12 بالضبط، وإنني باسم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، أصدر الأمر إلى جميع قوات جيش التحرير الوطني المحاربة بالتوقف عن العمليات العسكرية، وعن النشاط المسلح في مجموع التراب الجزائري.

أيها الجزائريون والجزائريات..
مضى الآن سبع سنوات ونصف منذ أن حمل الشعب الجزائري السلاح ليفتكّ حريته واستقلاله وسيادته الوطنية، فالمجد للشعب الجزائري الذي سجل في هذه الملحمة الكبرى أروع صفحة من تاريخه، ورحم الله كل ضحايا الكفاح وجميع الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف ليحيا الوطن الجزائري، والمجد لجرحانا الذين لا حصر لهم، والذين واجهوا قوى الاستعمار المتكالبة، وعرّضوا حياتهم للخطر، والمجد للمناضلين في جبهة التحرير الوطني الذين كانوا في طليعة المعركة، والمجد للمساجين والموقوفين في المحتشدات الذين تألموا في سجون الاستعمار .. إليكم جميعا تعلن الأمة اعترافها الأبدي، وتتخذ منكم الأجيال القادمة مثلا أعلى، وتجعل منكم ذكرى خالدة .. فبفضلكم وبفضل إخلاصكم وتضحياتكم التي لا حدّ لها، تحققت انتصارات ضخمة في طريق التحرر .. واليوم في هذا الظرف التاريخي، أحيّي باسم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، أحيّي الشعب الجزائري البطل الذي دفع ثمنا غاليا في هذه الحرب، وبذل من شجاعته، وأبدى من نزاهته وإخلاصه ما استرجع به الوطن السليب، وأعاد إليه كرامته....

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024