جبهة التحرير كرّست مجتمعـا سيـاسيـا وثـــورة اجتماعيــــة
التراشق بالشهادات يساعد على كتابة التاريخ الوطني والتجريح غير مقبول
حرص المدير العام للأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي على التوضيح أن تاريخ 19 مارس يمثل «عيد النصر»، الذي كان «بمثابة انعتاق بالنسبة للشعب الجزائري، هذا هو المعنى، والأبعاد التي تكون لهذا اليوم»، وفي سياق آخر قال ردا على سؤال يخص التراشق بالشهادات بين المجاهدين إنه «عادي يفيد المؤرخ في كتابة التاريخ»، لكن بالمقابل اعتبر «التجريح» غير مقبول.
أكد المدير العام للأرشيف الوطني الذي نزل، أمس، ضيفا على «الشعب»، أن السؤال الخاص بتحديد المصطلحات ردا حول ما إذا كانت التسمية الصحيحة لـ 19 مارس يوم النصر، أم وقف إطلاق النار، لأن المفاهيم تحدد المسار الذي وقع حقيقة، والذي لا بد أن يوضع في سياقه التاريخي، مؤكدا أن الانطلاق يكون من البداية وتحديدا تاريخ 14 جوان 1830، حيث تم إعلان الحرب على الجزائر بصورة رسمية، وببيان وجه إلى الشعب والوثيقة موجودة حسبه.
وأفاد في نفس السياق، أن كل ما وقع من أعمال تحت أي عنوان إلى غاية 19 مارس 1962، يدخل في إطار حرب معلنة، وككل حرب في العالم بأسره، حسب القوانين والقواعد والأعراف، لا تنتهي إلا بتوقيع اتفاقية سلام، ويحتاج إلى مراحل وظروف وحتى تضع الحرب أوزارها تلجأ الدول إلى توقيف القتال.
لكن بالنسبة لنا أضاف يقول شيخي في سياق حديثه عن المناسبة «19 مارس يوم النصر، لأننا أنهينا كابوسا دام 132 سنة، لأول مرة يحس الشعب الجزائري، أنه استراح من الحرب، أما ما وقع خلال الفترة الانتقالية الممتدة بين 19 مارس إلى 3 جويلية تمهيدا للخطوة الثانية، ممثلة في استرجاع السيادة الوطنية، واستعادت السلطة الجزائرية مهامها بصفة قانونية، جاءت بعد رسالة شارل ديغول إلى عبد الرحمان فارس»، بعد أن تم بموجبها تحويل الصلاحيات الخاصة بالسيادة إلى الهيئة التنفيذية المؤقتة للدولة الجزائرية».
ولم يفوّت ضيف «الشعب» المناسبة، ليجدد التأكيد على أن الأمر يتعلق باسترجاع السيادة الوطنية وليس باستقلال، لاسيما وأن الأخير «يجعل من العملية، عملية انفصال عن التراب الفرنسي، وهذا الأمر غير صحيح تماما، لأن ضم التراب الجزائري إلى التراب الفرنسي عملية غير قانونية وغير شرعية، ذلك أن الجزائر كانت تتمتع بالسيادة، فجاء الإعلان ليعيد لها صلاحيات السيادة المسلوبة»، وخلص إلى القول «عيد النصر بمثابة انعتاق بالنسبة للشعب الجزائري، هذا هو المعنى، والأبعاد التي تكون لهذا اليوم».
ولأن شيخي يولي عناية بالغة للمفاهيم، تطرق إلى استعمال مفردتي الثورة والحرب، والأمر ينبغي أن ينظر إليه من زاويتين، وقع علينا عدوان في 1830 أعلنت علينا الحرب إلى وقف القتال، من الزاوية الحربية وليس النضالية، لأن النضال سياسي بدرجة أولى، فهي حرب قتالية»، لكن إذا نظرنا ـ استطرد شيخي ـ إلى «ما أتت به الحركة الوطنية والثورة التحريرية من تغييرات في المجتمع، نقول إن الأمر يتعلق بثورة مجتمع، إذ انتقلنا من مجتمع مدني إلى مجتمع سياسي، قامت به جبهة التحرير الوطني بالعمل السياسي، محدثة ثورة عميقة في المجتمع».
وفي سياق مغاير، وردا على سؤال يخص التراشق بالشهادات بين بعض المجاهدين، أفاد شيخي بأنه «عادي»، لأن الأحداث التاريخية ـ وفق تحليله تمر بـ 3 مراحل، الأول السكوت متبوعة بمرحلة المراجعة، لتصل إلى مرحلة التنكر، لافتا إلى أنه من الطبيعي أن يريد كل واحد أن يحسب له ما تم إنجازه، هذه العمليات ضرورية بالنسبة للمؤرخ الذي يقوم بتسجيل كل الشهادات ثم يقوم بغربلتها، لاسيما وأن التاريخ عبارة عن إعادة تركيب الأحداث.
لكن بالقابل الأمر غير المقبول بالنسبة لشيخي، «التجريح» لاسيما بين المجاهدين رفقاء السلاح، المفروض أنهم إخوة وتجمعهم علاقة حميمية، مهما يحدث يبقى الاحترام».