قال المدير العام للمركز الوطني للأرشيف، عبد المجيد شيخي، أمس، إن الثورة الجزائرية لم توقف العمل المسلح حتى وقعت السلطات الاستعمارية اتفاقيات إيفيان، وأكد أن الخلافات بين القادة الجزائريين لم تؤثر على عمل الوفد المفاوض.
أفاد عبد المجيد شيخي، أن قادة الثورة الجزائرية، “كانوا لا يثقون أبدا في الاستعمار الفرنسي، وظلوا متمسكين بالعمل المسلح إلى غاية إنهاء المفاوضات ودخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ”.
واعتبر شيخي، أن الميزة الخاصة التي طبعت المسار التفاوضي بين الجزائر وفرنسا، والتي تمثلت في انطلاقه قبل وقف النشاط المسلح وليس بعده كما هو الحال مع عديد الأزمات الدولية، تعود إلى الحذر الشديد التي تعامل به مسؤولو الثورة مع السلطات الاستعمارية، وإصرارهم على الأهداف الأساسية للثورة.
واستدل ضيف “الشعب”، برفض جبهة التحرير الوطني، لمشروع الجنرال ديغول “سلم الشجعان” سنة 1958، حيث يوقف جيش التحرير كفاحه المسلح رغم إدعاء الجيش الفرنسي بتجميد نشاطاته لمدة شهر كامل.
وأوضح، أن عقيدة قادة الثورة، مستلهمة من بيان أول نوفمبر 1954، ودفعتهم للتشبث بالهدفين الرئيسيين المتمثلين في استعادة السيادة الوطنية وبناء دولة ديمقراطية اجتماعية، متخذين السلاح كوسيلة وحيدة لبلوغ هذه الغاية.
وقال، إن الرئيس الفرنسي ميتران صرح في 02 نوفمبر 1954 من أريس بالأوراس “بأن الجزائر فرنسية ولا توجد قوة تزحزحنا منها”، وأضاف شيخي “هل من المنطقي أن تصدق جبهة التحرير الوطني، دعوة فرنسا لوقف الحرب ثم التفاوض بعد هذا الكلام؟”.
ورغم الإغراءات التي طرحتها الإدارة الاستعمارية، تحت عديد الصيغ والمسميات إلا أن هجمات ومعارك جيش التحرير الوطني استمرت إلى غاية إذعان الاستعمار وتوقيعه لاتفاقيات إيفيان، لتتم الموافقة بعدها على وقف إطلاق النار، والدخول في مرحلة انتقالية لتحضير استفتاء تقرير المصير واستعادة السيادة الوطنية.
ولا يرى شيخي، أية مشكلة، فيما يعتبره البعض تنازلات قدمها الوفد الجزائري المفاوض، مؤكدا “أن الهدف الأسمى كان استعادة السيادة وبناء الدولة الجزائرية الحديثة، وليس عيبا الحديث عن تعاون اقتصادي مع فرنسا أو بقاء الجيش الفرنسي مؤقتا في بعض المواقع”.
وتابع “الأهم للمفاوضين الجزائريين، كان استرجاع السيادة والحفاظ على وحدة التراب الوطني، وما دون ذلك تم إعادة النظر فيه فيما بعد”.
وفي سياق آخر، قال الانضباط الحزبي الذي امتاز به القادة التاريخيون، أدى إلى أنجاح الأهداف الأساسية من المفاوضات، بحيث لم تؤثر الخلافات ولا القناعات الشخصية، على المسار التحرري.