تشاشي المدير العام لمعهد التكوينات لــ «الشعب» :

الاستثمــــار في التكويـــن المتواصــل الرهــــان الكبـــير

أجرت الحوار: سهام بوعموشة

تسيـير النفايــات والاقتصــاد الأخضـر أولويــة بيئيـة

أكــثر مـن 12 ألـف إطار وعـون كونّاهـم منــذ2002 

تراهن وزارة الموارد المائية والبيئة، خاصة المعهد الوطني للتكوينات البيئية، على تكوين إطارات في تسيير النفايات لاسيما العضوية، التي أضحت في عديد دول العالم ثروة يمكن جني من خلالها الأموال واستخدامها للصالح العام، وكذا الاقتصاد الأخضر الذي يمس كل ميادين البيئة، هذا ما أكده حميد تشاشي، المدير العام للمعهد الوطني للتكوينات البيئية، في حوار خص به جريدة “الشعب”، مضيفا أن نظرته المستقبلية هي كيفية استحداث شبكة على مستوى كل المؤسسات الصناعية في الجزائر، ووضع برامج تلبي احتياجات هذه المؤسسات، داعيا للاستثمار في التكوين المتواصل.
الشعب: بداية ما هي أهم مهام المعهد الوطني للتكوينات البيئية؟
وحيد تشاشي: المعهد الوطني للتكوينات البيئية له ثلاث مهام أساسية، هي التكوين في الميدان البيئي، التربية البيئية، التحسيس والتوعية البيئية، المعهد الوطني تحت رعاية وزارة الموارد المائية والبيئة، ينظم أياما إعلامية في إطار المهام المكلف بتنفيذها. والهدف من تنظيم الأيام الإعلامية، هو كيفية إشراك مختلف الفاعلين، خاصة المؤسسات التربوية، وزارة التربية الوطنية، مديرية التربية لولاية الجزائر في ثلاث مقاطعات، وبلديات ولاية الجزائر العاصمة في التعاون وتضافر جهود الجميع من أجل تنفيذ ودعم التربية البيئية في الوسط المدرسي.
أظن أن وزارة الموارد المائية والبيئة، منذ الإمضاء على بروتوكول اتفاق سنة 2002، قامت بإعداد استراتيجية وطنية في ميدان إدماج وتقوية التربية البيئية في الوسط المدرسي، هذه الأخيرة تم إعداد لها أدوات بيداغوجية وقامت بدعم النوادي الخضراء، من خلال أدوات إعلام آلي وأدوات بستنة وتصنيف النفايات، بهدف إعداد أجيال مستقبلية تتحكم في مختلف الملفات البيئية، كي يكون لنا، مستقبلاً، مسؤولون في مختلف القطاعات والدوائر، هؤلاء المسؤولون لهم معارف في البيئة تمكنهم من اتخاذ القرارات المناسبة لحماية البيئة.
كم إطار تم تكوينه منذ تأسيس المعهد عام 2002؟
 التخصص الأساسي للمعهد هو التكوين البيئي. منذ سنة 2002، تاريخ تأسيسه، قمنا بتكوين أكثر من 12 ألف إطار وعون، و4 آلاف عون على المستوى البلدي والوطني، لأن تكويننا قصير المدى وموجه للمهنيين، للأعوان والعاملين في الميدان. والفئات المستهدفة هم أعوان البلديات، المنتخبون المحليون، مكاتب النظافة والبيئة في البلديات من أطباء ومهندسي البيئة، وكما نقوم بتكوين مختلف إطارات المؤسسات الصناعية، وهي الاستراتيجية الحقيقية التي يقوم عليها المعهد في الوقت الراهن، هو توجيه التكوين للمؤسسات الصناعية.
 نحن نعلم أن هذه المؤسسات تساهم في تلويث المحيط، هذا الأخير ناجم عن ضعف تكوين هذه الإطارات في الميدان البيئي، وبالتالي وضعنا أمامهم برنامج تكوين في مختلف التخصصات في جانب تسيير النفايات على مستوى المؤسسات، دراسات الخطر، تسيير النفايات السامة، وجوانب التحسيس والتربية البيئية والاتصال البيئي، وفي غيرها من المواضيع البيئية التي يشرف عليها المعهد.
هناك لجنة بيداغوجية تتكون من خبراء متخصصين في هذه المجالات، حيث يقومون بإعداد برامج تكوينية تستجيب لحاجيات ومتطلبات المؤسسات والشركاء. وهنا أدعو المؤسسات للتقرب من المعهد لتكوين إطارات في أي تخصص يرغبون فيه، والأهداف التي يرجونها. ونحن من خلال هذه الأهداف، نجمع لجنة بيداغوجية متخصصة، لإعداد برنامج خاص موجه لتلبية حاجيات المؤسسات. نحن هنا للاستجابة لطلبات مختلف الشركاء، وأشير هنا إلى أننا معهد وطني لدينا ملحقات على مستوى دور البيئة في الولايات.
وفيما يتعلق بمدة التكوين، يتم الاتفاق عليها مع المؤسسة أو الهيئة التي تطلب التكوين، إذا أرادت أن يكون في ظرف خمسة أيام، نقوم بإعداد تكوين في ظرف المدة المقترحة، إذا أرادت أكثر فأكثر، أي حسب طلب وحاجة المؤسسات.
هل وجدتم استجابة من المؤسسات الصناعية والبلديات؟
هناك استجابة كبيرة من طرف المؤسسات الصناعية، والدليل هو تكوين 12 ألف إطار وعون، لكن ممكن القول إن هناك قلة اهتمام بالتكوين لدى المؤسسات، أي ثقافة التكوين لدى هذه المؤسسات والبلديات ضعيفة نوعا ما، وبعض المؤسسات تعتقد أن التكوين هو ضياع للوقت وتبذير للأموال، لكن هذا خطأ، كون هدف التكوين هو تطوير القدرات من أجل التحكم في تسيير الملفات.
التكوين المتواصل ضروري، يجب أن لا يتوقف عنه الإطار بالمؤسسة، إلى غاية إحالته على التقاعد. كلما تكوّنين كلما تربحين طرقا جديدة في التكوين واختصار مدة دراسة الملفات إذا كانت لك إطارات تحسن كيفية إعداد دراسات حول التأثير على البيئة، فيمكنها اختصار الوقت في ظرف عشرة أيام أو أسبوع، في حين مع فريق عمل خاضع للتكوين في هذا المجال فتستغرق المدة الزمنية خمسة أشهر. إذن، دائما فيه فائدة للمؤسسات.
ولهذا أوجه نداءً عبر جريدة “الشعب” للمؤسسات، للاستثمار في التكوين، حيث يستخدم الغرب التكوين الميداني كقاعدة أساسية، لم يبق التكوين النظري الذي تعتمده الجامعات، بالتالي الشخص النظري حين يذهب للمؤسسة، يجد مشكلا كبيرا في كيفية التسيير اليومي والتعامل مع الملفات، وهنا يأتي دور المعاهد المتخصصة كالمعهد الوطني للتكوينات البيئية، التي تقوم بتكوينهم في هذا المجال وتجعلهم يواجهون مختلف المشاكل.
ما هي التحديات في مجال البيئة؟
أكبر اهتمامات وزارة الموارد المائية والبيئة حاليا، منصبة على كيفية تسيير النفايات، لأننا نحاول التحكم في تسييرها. أضحت النفايات في كل البلدان ثروة، لهذا يأتي دور التكوين في معرفة أن البلاستيك، الزجاج والألمنيوم هي مواد أولية ونفهم الشركاء أن النفايات العضوية كقشور البطاطا والبصل وغيرها هي ثروة يمكن جني من خلالها الأموال، وتغيير الذهنيات بأهمية الاستثمار في النفايات.
أشدد دائما على التكوين من أجل تأطير وتكوين مختلف طالبي إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة في ميدان البيئة، ونوجههم إلى المجالات التي يمكنهم الاستثمار فيها لينشئوا مؤسسات منتجة.
ومن بين التحديات الكبرى أيضا، الاقتصاد الأخضر الذي يمس كل ميادين البيئة من مساحات خضراء، الساحل، الغابات، الفلاحة، السياحة، والطاقات المتجددة، كلها مجالات تسمح بإنشاء مؤسسات منتجة كي لا يبقى الشاب ينتظر وظيفته من الدولة.
هناك تطور في العالم اتجه نحو النفايات الخضراء أو الاقتصاد الأخضر، معناه كيفية تحويلها إلى ثروة يستفيد منها، البلد من خلال خلق مناصب عبر مؤسسات صغيرة منتجة، أشير إلى أن المعهد الوطني للتكوينات البيئية، كان قد أمضى اتفاقية مع الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب وتأطير، وتكوين مختلف طالبي إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة في ميدان البيئة، والمعهد يتكفل بتكوينهم وتوجيههم توجيها صحيحا، في المجالات التي يمكن لهم الاستثمار فيها وإعداد مؤسسات.
ما هي الأفاق المستقبلية للمعهد؟
نظرتنا المستقبلية هي في كيفية استحداث شبكة على مستوى كل المؤسسات الصناعية في الجزائر، ووضع برامج تستجيب لاحتياجات هذه المؤسسات، وتغيير نظرة المؤسسات للنفايات، لأن هناك مبدأ في قانون حماية البيئة وهو “مبدأ الملوث الدافع” ليس بمفهوم فرض عقوبة للمؤسسة، بل هو تحفيز لها حول كيفية التخلص من نفاياتها والوزارة الوصية تشجعها وهنا يأتي دور التكوين.
نحن نخوض الآن صراعين: الأول، كيفية إقناع الشركاء، خاصة المؤسسات الصناعية والبلديات ومختلف القطاعات، بحكم أهمية التكوين. وثانيا، هو كيفية الاستجابة للتحديات عبر برامج تكوينية مستقبلية، لأنه لا يجب أن نبقى متأخرين عن ما يجري في العالم من تطور مستمر.
هناك نفايات إلكترونية ونصادف أمراضا كالسرطان، كلها ناجمة عن عدم التكفل بهذه المشكلات البيئية التي تواجه المجتمع، نشرب الماء ونأكل الفواكه وغيرها ولا ندري من أي مادة ملوثة تسقى، كون المؤسسات الصناعية ترمي نفاياتها دون وعي، ثم نقول إننا خصصنا ميزانية كبرى للتكفل بالأمراض السرطانية، بدل التدخل بعد وقوع المرض، كان من المفروض التدخل قبلا، ولهذا لابد من إقناع المؤسسات بالتوقف عن التلوث وهو تحدّ كي لا نصل إلى النتائج التي توصلنا إليها اليوم.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024