أخذ نزاع الصحراء الغربية، منعرجا جديدا، بعد زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى مخيمات اللاجئين والأراضي المحررة، حيث اختلق المستعمر المغربي حالة تشنج دبلوماسي يحاول بموجبها محو مخطط تقرير المصير، بينما ترى القيادة الصحراوية في التصرفات المغربية شعارا استعماريا، لا يجب أن يأخذ به مجلس الأمن الدولي.
قبل مرورها إلى تنفيذ قرار طرد المكون المدني، السياسي والإداري لبعثة المينورسو، صرّحت السلطات المغربية المحتلة، بأن «تقرير المصير مخطط تجاوزه الزمن»، وسارعت إلى كسب ود الأعضاء الدائمون لمجلس الأمن الدولي، ما يعني أنها استغلت مخلفات زيارة بان كي مون، للعب أوراق استباقية لإرجاع عداد الأزمة إلى الصفر، وإلقاء كل القرارات الأممية في سلة المهملات.
ولا يريد الاحتلال المغربي، كما فهم البعض، الاكتفاء بمنع استصدار تقرير يحمّله المسؤولية ويدينه أمام مجلس الأمن في الاجتماع العادي المقرر، شهر أفريل المقبل، فحالة الاستنفار القصوى التي دخلها، منذ الخامس من الشهر الجاري، تهدف إلى إعادة بعث مقترح الحكم الذاتي، والدفع بآليات تخدم مصالحه على حساب تطلعات الشعب الصحراوي المشروعة.
كيف ترى جبهة البوليساريو هذه التحركات المغربية؟ وما هي السيناريوهات المحتملة؟. لا يعتبر وزير الخارجية بحكومة الجمهورية العربية الديمقراطية محمد سالم ولد السالك، أن ما يلعبه المغرب من أوراق أمرا مفاجئا، «فمن شيم الدول الاستعمارية وتقاليدها في إخضاع الشعوب، أن تلجأ لهذا التعنت والممارسات المشينة». مثلما صرّح في ندوة «الشعب».
ولد السالك، أكد أن كل المخططات المغربية، المخالفة لمسار التسوية الذي أقرته الأمم المتحدة سنة ١٩٩١، بمساهمة منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا)، لن يؤثر على إرادة الشعب الصحراوي في الاستقلال واسترجاع السيادة، ولن يفرض واقعا لا يرتضيه.
لكنه يضع تفسيرا لقرار طرد أعضاء المينورسو، «إعلانا صريحا للحرب»، لأن منع الهيكل الرئيسي للبعثة الأممية، من أداء مهمته في إعداد قوائم الاستفتاء، يعد إلغاء من طرف واحد «لتقرير المصير»، هذا الأخير، يؤكد ولد السالك أنه مرتبط بشكل وثيق مع اتفاق وقف إطلاق النار، ما يعني أنا الثاني يزول آليا بزوال الأول.
على من تقع المسؤولية؟، ليس هناك أفضل موقعا ومكانة من مجلس الأمن الدولي، لوضع حد للتهور المغربي وتجنيب المنطقة حرب وشيكة، وفي السياق، يؤكد ولد السالك، أن السيناريو الأمثل، هو «عودة المياه إلى مجاريها والدفع ببعث المفاوضات والعمل على تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، مثلما تقرره اللوائح والمواثيق الدولية».
الاتحاد الإفريقي، لم يبق متفرجا، على التعنت المغربي، حيث اعتبرت رئيسة مفوضية الهيئة، ديلاميني زوما، طرد 84 عنصرا من بينهم موظفي الاتحاد الإفريقي في بعثة المينورسو، «سابقة خطيرة، وطعن في عهدة مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين».
أشارت زوما، إلى أن وجود المينورسو في المنطقة، يتعلق بالقرار 690، لمجلس الأمن المؤرخ في 29 أفريل 1991.
من ناحية القانون والعرف الدوليين، تعتبر المغرب المسؤول الأول والمباشر، عن تصعيد التوتر واحتمال تجدد الحرب وإشعال منطقة شمال إفريقيا والساحل الإفريقي التي تعاني من أزمات متفاقمة التركيب والتعقيد.
في الوقت، الذي كان ولد السالك ينشط ندوته الصحفية بمنتدى «الشعب»، أمس، كان مجلس الأمن الدولي، بصدد استكمال التحضيرات لاجتماع طارئ يعد الثالث، حول القضية الصحراوية في ظرف وجيز.
هذه الهيئة التنفيذية، خيّبت كثيرا الشعب الصحراوي، ولم تبد تعاطفها مع الأمين العام للأمم المتحدة، الذي تعرض إلى هجوم شرس من قبل الاحتلال المغربي، وأصبحت مسألة حيادها وقدرتها على حل النزاع محل شك، بسبب غلبة كفة المصالح على كفة المبادئ التأسيسية للمنظمة الأممية وحقوق الشعوب.
ستكون مخرجات الاجتماع، حاسمة في تحديد التوجهات الذي سيسلكها مسار الكفاح التحرري للشعب الصحراوي مستقبلا.