عادت موجة أخرى من تسريبات الوثائق السرية «المغرضة»، لتطفو على صفحات أكبر الجرائد العالمية، ناشرة غسيل الفضائح الاقتصادية لشخصيات نافذة في بلدانها ولرؤساء دول كبرى بوجه وحلة جديدة حملت تسمية «وثائق بنما»، التي يثار حولها العديد من الاستفهامات في الوقت الراهن.. فيما إذا كانت إمتداد لـ»ويكليكس»، ولماذا تم تفجيرها في الظرف السياسي والاقتصادي والأمني العالمي الحالي؟.. ومن يقف وراءها؟.. ومن هي الأيادي التي تمرر بها؟ ولماذا لا تطال لوبيات معينة، ظلت ومازالت تعبث كما تشاء بالاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي في العالم؟. ودون شك الجزائر لن تستبعد وسوف لن تفوت الفرصة ليكال لها نصيب وحصة من الاتهامات، من خلال مضايقتها وفبركة ملفات تحاول التشكيك في نزاهة مؤشراتها وضرب منظوماتها الاقتصادية في الصميم.
إن كان ظاهر «أوراق بنما» إزعاج جهات معينة وتشويه صورة أشخاص لديهم ثقل ونفوذ سياسي في بلدانهم، وتحطيم مصداقية المهاجمين من طرف هذه الحملة الشرسة التي يجهل من يخطط لها ومن بيده قرار تحريك خيوطها، فإن باطن هذه الوثائق مازال مجهولا ولا يمكن أن ننكر أنه قد يراد به زلزالا مدمرا لخارطة التموقع، الذي يستهدف الدول بالدرجة الأولى ولا يعنيه الأشخاص كما هو متجلي، لذا يستدعي التحلي بالكثير من الحيطة والحذر. ولعل إلحاق الأذى من خلال التشهير والترويج الإعلامي بات وسيلة فعالة تحقق مبتغاها وتؤدي المهمة القذرة بـ»نجاح» لا يقبل الإخفاق، بالنظر إلى ثقل التأثير الذي تمارسه السلطة الرابعة، ويتطلب ذلك جهودا وثقة لتفنيد كل ما يثار من أكاذيب من خلال العمل الجاد في الميدان وتجاوز كل الادعاءات مع مرور الوقت والاستمرار في مواجهة تحدي الصعوبات الراهنة لكل من مازال يقلقه صمود الجزائر وإصرارها على السير بثقة نحو مستقبل أفضل وآمن.
ومن الأسئلة غير البريئة التي يمكن الاستنجاد بها.. هل جاءت تسريبات «بنما» لتستكمل مخطط الدمار الإرهابي الوحشي المرعب الجاري.. وبالتالي الوصول إلى كل جزء لم تطله أيادي «داعش» الدموية، وتفتيت كل ما لم تخترقه آلة الموت التي يثار حول طبيعة انتشارها الكثير من الريب؟ وكذا الاستمرار في تدمير العالم من خلال العبث بتناسقه وتنميته، لصالح كل من لا يخدمه الهدوء والاستقرار، ولا يستطيع العيش في أجواء تخلوا من الاضطراب والهيمنة وبعيدا عن تحقيق المصالح الضيقة للوبيات. تفتح هذه الوثائق السياسية على الرأي العام العالمي لتعلن حربا جديدة بوقود الملايين من الملفات التي على ما يبدو أخذت وقتا معتبرا في جمعها وتصنيفها وترتيبها وربما تلفيق العديد منها، ولعل هذا الجهد منبعه ليس من العبث وأهدافه ليست إنسانية بحتة من أجل إحلال العدالة والرفاهية للشعوب، وإنما يحمل رائحة المؤامرة التي تمت محاولة إخفاء أثرها بإطلاق هذه السموم بعيدا عن منطقة تواجدهم لتضليل الأنظار.