تعقد الدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى، الجزائرية - الفرنسية، اليوم، بالعاصمة، برئاسة الوزير الأول عبد الملك سلال، ونظيره مانويل فالس، يعقبها منتدى لرجال الأعمال يخصص لبحث فرص أكبر للشراكة بين البلدين. في وقت يشكل التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب أحد أبرز الملفات الثنائية.
يلتقي أعضاء الحكومتين الجزائرية والفرنسية، في اجتماع يحظى باهتمام بالغ من قبل الجانبين، كونه يتمحور حول تحقيق أكبر قدر من المصالح وفق قاعدة “رابح - رابح”، هذه القاعدة يجب ألا يحوم حولها خلاف حول الأطر القانونية، وذلك في سياق دفاع كل طرف عن مصالحه.
لقاء اليوم، يعد محطة مناسبة للتقييم والنظر في مكاسب شراكة أريد لها أن تكون استثنائية، بعدما توفرت لها الإرادة السياسية اللازمة منذ 2012، ومحاولة تحفيز إطلاق مشاريع جديدة تحقق الغاية التي تنشدها الجزائر وفرنسا.
لكن ماذا تريد الجزائر بالضبط من إقامة شراكة على قدر عال من الجودة مع فرنسا؟ وماذا تستهدف هذه الأخيرة من دخول سوق الاستثمار في بلد يتوافر على إمكانات معتبرة؟.
الجزائر كانت صريحة منذ الوهلة الأولى، حين أعلنت أن هدفها من أية شراكة أجنبية يتعلق بتحقيق الثروة والقيمة المضافة من جهة، وتحصيل الخبرة وتحويل التكنولوجيات الحديثة من جهة أخرى.
وعلى هذا الأساس، أبقت على قاعدة 51 / 49، رغم الضغوط الكبيرة التي مورست عليها طمعا في العدول عنها أو تغييرها، واعتبرتها مبدأ أساسيا في بناء الاقتصاد الوطني غير قابلة للتنازل، رافضة الرضوخ لمطالب الشركات وآراء المحللين.
من جانبها، تحاول المؤسسات الفرنسية النشاط من دون قيد قانوني تشتغل وفق النمط الذي يساعدها، وهو ما عبر عنه الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، في حوار ليومية الوطن الناطقة بالفرنسية، أمس، بالقول: “نرغب في أن تستطيع شركاتنا النشاط في محيط واضح وخاصة على الصعيد القانوني”، بعبارة أخرى فرنسا لا تريد قاعدة 51 / 49.
على النقيض من ذلك، تراهن الحكومة الجزائرية أكثر من أيّ وقت مضى على إمكاناتها الذاتية في تنويع الاقتصاد، حيث صرح سلال، أكثر من مرة، أن منح المشاريع سيتم بتفضيل المؤسسات الوطنية، على أن يلجأ للأجانب في حالة افتقاد الخبرة والتقنيات المتطورة.
وما يجب أن تفهمه فرنسا، أن القدر الذي توليه للتقليص من نسبة البطالة وخلق وسائل الإنتاج والثروة، هو ذاته الذي تضعه الجزائر أولوية في سياستها الاقتصادية. ومع انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، تضاعف الاهتمام بخلق بدائل تمكن المتعاملين الجزائريين من بلوغ الأسواق الدولية وإحداث القطيعة تدريجيا مع الاستيراد.
على صعيد آخر، تدرك فرنسا، من يوم لآخر، أن الجزائر فاعل أساسي في محاربة الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف، له وزن وثقل في المنطقة المغاربية والساحل الإفريقي، ولن تنجح استراتيجيات الأمن الاستباقية التي تضعها وزارة الدفاع الفرنسية على الضفة الجنوبية للمتوسط.
وسبق لوزير الخارجية الفرنسي جون مارك أيرو، أن طلب خبرة الجزائر الاستعلاماتية وتعزيز التنسيق الأمني لمواجهة الظاهرة الإرهابية.
اللجنة الحكومية المشتركة ستكشف، دون شك، عن توجهات العلاقات الجزائرية - الفرنسية على جميع الأصعدة، والواضح أن الصراحة الشديدة ستكون سيدة الموقف، هذه المرة.