حقق قطاع الموارد المائية والبيئة قفزة نوعية في السنوات الأخيرة، من خلال المشاريع المنجزة المكرسة في إطار البرامج الخماسية التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حيث وضع القطاع نصب عينيه من خلال إعطائه الأولوية من الاهتمام ورصد له مبالغ ضخمة لهدف واحد وهو تجنيد كل الإمكانيات والطاقات والوسائل من أجل توفير المياه الصالحة للشرب عبر مختلف ولايات الوطن بعد معاناة بلادنا لسنوات من قلة التساقط وفي كثير من الأحيان الجفاف، على غرار البلدان الجنوبية للبحر المتوسط وجعل الماء موردا ثمينا يقتضي ترشيد استعماله لتلبية حاجيات السكان والاقتصاد الوطني دون رهن حاجيات الأجيال القادمة.
رؤية إستراتيجية استشرافية تجسدت بفضل الإرادة السياسية وسواعد الرجال من خلال إعداد مخطط تنموي جريء من أجل مواجهة ندرة المياه، بدأت بإنجاز مشاريع ضخمة جعلت الجزائر اليوم في وضعية مريحة تجاوزت بها سيناريوهات الماضي، وبعد نجاحها في عملية تجنيد الموارد المائية وربح معركة الماء مازال العمل بنفس الرؤية والوتيرة من خلال رفع شعار تحسين خدمة المرفق العام للمياه، والذي لن يتجسد إلا من خلال التسيير الناجع وعقلنة الاستغلال ومحاربة مختلف أشكال التبذير في الممارسات اليومية سواء بالنسبة للمواطن أو المؤسسات وهو ما تعكف عليه الوصاية من خلال دعم مختلف مديرياتها لاسيما الجزائرية للمياه التي تشرف على تسيير 900 بلدية عبر الوطن ما يتطلب تعزيز جهودها أكثر لتكون بمستوى التحديات.
ومن جملة المشاريع الكبيرة التي أضحت مكاسب هامة للبلاد لابد من تثمينها والحفاظ عليها، توسيع الحظيرة الوطنية من السدود التي تحصي 84 سدا بين مستغلا وقيد الإنجاز ومبرمجا، بحيث تم إنجاز أكثر من 40 سدا جديدا بطاقة إضافية تفوق 5.2 مليار متر مكعب من المياه، منها 31 سدا حاليا قيد الاستغلال، سمحت بتوفير كميات معتبرة من المياه للمواطنين وكذا للقطاع الفلاحي بهدف تطوير الإنتاج للمساهمة في تطوير الأمن الغذائي للبلاد.
ولم تغفل الإستراتيجية الوطنية في رسمها لمخططاتها لاسيما بالجنوب من خلال مشاريع التحويلات الكبرى أهمها مشروع تحويل عين صالح تمنراست على مسافة أكثر من 750 كلم، نظام بني هارون الذي يمون خمس ولايات من المنطقة الشرقية من الوطن، وكذا نظام كدية أسردون الموجه لولايات الوسط، وبالغرب الجزائر تم تسجيل نظام الماو، ما يؤكد مواصلة تدعيم قدرات التخزين، وضمان توزيعها العادل عبر مختلف الأقاليم.
وإلى جانب الحشد البنيوي للمياه لم تغفل الجزائر الطرق الحديثة لتطوير القدرات الوطنية من المياه من خلال اللجوء إلى تحلية مياه البحر الذي كان وما يزال خيارا استراتيجيا لتغطية العجز الكبير من خلال إنشاء وحدات ومحطات لتحلية مياه البحر على طول الساحل الجزائري، حيث ساهم إنجاز أكثر من 13 وحدة تحلية في إنتاج 2.3 مليون متر مكعب يوميا ما مكن من تزويد الساكنة بالمياه الصالحة للشرب على مدار 24 ساعة بمعدل يفوق 180 لتر يوميا متجاوزا المعدل العالمي 140 لتر للفرد الواحد.
تحقيق الريادة إفريقيا وعربيا في نسبة الربط بشبكات التطهير والماء الشروب
وبخصوص شبكات الربط أضحت الجزائر من الدول الرائدة في نسبة الربط سواء على المستوى الإفريقي والعربي سواء بشبكة المياه الصالحة للشرب التي تجاوزت 98٪، وأكثر من 90٪ فيما تعلق بشبكات التطهير، حيث تم إنجاز أكثر من 171 محطة تصفية المياه المستعملة، التي تساهم في إنتاج مليار متر مكعب، تم تحويل استغلالها في القطاع الفلاحي، في انتظار استلام 50 محطة قيد الإنجاز ما سيساهم في الرفع من نسبة الربط بشبكات التطهير إلى 93٪.
وإدراكا منها أنها لن تنجح في الحفاظ على الإنجازات المحققة في الموارد المائية إلا من خلال موارد بشرية وطنية مؤهلة، تراهن الجزائر على التكوين المتخصص من أجل ضمان تحكم أفضل في مشاريع القطاع ومهن المياه والاستقلال تدريجيا عن الاعتماد على الخبرات الأجنبية في هذا المجال.
وتم في هذا الإطار إنشاء مركز وطني للتكوين في مهن المياه يوفر عدة اختصاصات من تقنيات إنتاج المياه الصالحة للشرب واستغلال وصيانة أنظمة التزويد بالمياه الصالحة للشرب ومراقبة جودة المياه وإصلاح شبكات المياه، حيث يعول عليه في تكوين الإطارات ورسكلتهم في مختلف التخصصات وتنمية القدرات المهنية للعمال والمؤسسات التابعة للقطاع الذي تمكن من إنشاء عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع توفير مئات الآلاف من مناصب الشغل الدائمة.