بات ولاة الجمهورية بالولايات الساحلية للبلاد، ملزمين بتسخير كافة التدابير لمنع استيلاء الخواص على الشواطئ خلال موسم الاصطياف المقبل، بموجب التعليمة الصادرة عن وزارة الداخلية، واستعمال كافة الوسائل القانونية المتاحة للقضاء على الفوضى التي ميّزت المواسم الأخيرة.
قطع وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، الطريق أمام “ لوبيات” دأبوا على فرض منطقهم وسطوتهم على الشواطئ الجزائرية خلال كل مواسم اصطياف، وأصدر تعليمة للمسؤولين الأوائل على 14 ولاية ساحلية، تأمرهم “بتأجيل كل إجراء تنازل عن الشواطئ أو أجزاء من الشواطئ لمتعاملين خواص”.
التعليمة ليست الأولى من نوعها، حيث أقرت ذات الوزارة السنة الماضية قانونا يقضي بإنهاء العمل بعقود امتياز استغلال 30 بالمائة من مساحة الشواطئ من قبل الخواص، غير أن تداخلا مع وزارة السياحة مرده عدم انتهاء الآجال القانونية لتلك العقود، وكذا الليونة التي تعاملت بها المصالح الولائية مع الشباب الذي حاولوا بالقوة وإثارة الشغب، إحكام قبضتهم على الشواطئ، حال دون تنفيذه بالشكل الكامل واللازم.
لقد راهنت وزارة الداخلية، في بداية العمل بمنح استغلال أجزاء من هذه الفضاءات العمومية للخواص، على تحصيل مبلغ 225 مليار دج سنويا لخزينة الدولة، بناء على دراسة اقتصادية أنجزها، غير أن التجربة أثبتت فشلا ذريعا، حيث لم تستفد البلديات إلا من نسبة ضئيلة جدا من الموارد المالية المتوقعة، ناهيك عن النتائج الكارثية التي ضربت قطاع السياحة في الصميم وفي وقت الذروة.
أبرز تلك التبعات تمثلت في نفور الجزائريين من شواطئ بلادهم، بسبب الغلاء الفاحش الذي يقابل قضاء يوم واحد على جانب البحر، وتوجههم بالآلاف إلى دول أخرى خاصة الجارة تونس، حيث احتلوا ريادة السياح الأجانب بهذا البلد بعدد ناهز المليون ونصف سائح سنويا، ما ضيع على الجزائر مداخيل مالية معتبرة.
كما أدى منطق الغاب في تسيير الشواطئ من قبل الخواص، إلى مشاجرات وفوضى يومية، نغصت على العائلات الجزائرية قضاء أوقات الراحة في ظروف ملائمة، وباتت تدخلات المصالح الأمنية من درك وشرطة خلال فصل الصيف، أكثر من نشاطهم العادي في مكافحة الجريمة طيلة أيام السنة.
قرار الداخلية، بفتح الشواطئ مجانا أمام الجزائريين، له سند دستوري، على اعتبار أنها أملاك عمومية ويمنع استغلالها بأي شكل من الأشكال من طرف الخواص سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين (مؤسسات)، ويخدم في المقام الأول المواطن البسيط من خلال حمايته من الاعتداءات المقنعة على جيبه وكذا قدرته الشرائية، وضمان الظروف الملائمة لقضاء العطلة السنوية في جو هادئ من جهة ونقل صورة إيجابية للخارج عن واقع السياحة في البلاد.
وما يلزم لتنفيذ القرار ميدانيا، هو تحلي ولاة الجمهورية بالصرامة المطلقة، ولاشيء غيرها، لتفادي مظاهر الكر والفر بين قوات الأمن وبعض الشباب مثلما حدث السنة الماضية، وإنجاح موسم الاصطياف.