حالة من التأثر الشديد بدت على الكثير من أفراد العائلة ورفاق درب المجاهد صاحب المسيرة الطويلة في النضال أثناء تحرير الجزائر وفترة بنائها الوطني. تأثر بالغ ورد على لسان من رافقه في معركة الحرية والبناء. كلهم أشادوا بخصاله وتفانيه في تأدية المهام بروح المسؤولية ونقاء الضمير وواجب أخلاقي.
رحل اللواء مصطفى شلوفي بعد مرض طويل ألزمه الفراش في منزله قبل العلاج بالمستشفى العسكري عين النعجة. وكم كانت الكآبة مؤثرة على الذين عرفوا فيه الخصال والاستقامة. نعم الرجل والقائد والمسير كان صاحب 86 سنة. تقلد مناصب عدة في سنوات الكفاح من أجل استقلال جزائر ادّعى المستعمِر أن لا وجود لها في التاريخ الحديث والقديم. شطبها بجرة قلم وقول عابر من الحضارة الإنسانية التي لها مساهمات فيها من قريب وبعيد.
عرف عن اللواء المتقاعد استقامته في تأدية الوظيفة وأمانته في تجسيد المهام بلا كلل ولا ملل. حائز على شهادة مهندس دولة وخريج المدرسة العسكرية الفرنسية، ضرب المرحوم المثل في العمل وحب الوطن، صغُرت أمامه الأشياء وكبرت الجزائر التي حلم بها شهداء الحرية وأوصوا بالحفاظ عليها في كل الظروف قائلين: «إذا استشهدنا حافظوا على ذاكرتنا».
بهذه الصفات. بهذه الخصال، ظل اللواء مصطفى شلوفي حريصا على أن يكون في مستوى المسؤولية الملقاة عليه. والوظيفة المسندة إليه. سار على هذا الدرب طيلة تقلده المناصب وتوليه المهام بالجيش الوطني الشعبي، بقيادة الدرك الوطني والأمانة العامة لوزارة الدفاع الوطني. ثم العضو الرئاسي بمجلس الأمة آخر محطة في مساره المهني الطويل.
عرف عن اللواء الراحل مواقفه المبدئية تجاه مواصلة المعركة ضد الإرهاب الذي قال إن الجزائر قاومته بمفردها وظلت تواجه حملات مسعورة غايتها تبييض وجه جماعات الموت التي تتمادى في هتك الأعراض وقتل النفس بلا وجه حق، معتدية على أقدس حق في الشرائع الدينية والأسلام: الحق في الحياة.
قامت الجزائر بمهمتها، محذرة أن الإرهاب لا يعترف بالحدود والأوطان، لكن العواصم الغربية أغمضت الأعين وظلت تروّج للخطإ، «أن ما يجري في الجزائر مسألة تخصّها وحدها»، حتى جاءت اعتداءات نيويورك، لندن، باريس ومدريد، لينهض الغرب من سباته ويودع بلهنيته.
يحب للواء الراحل وفاءه للمبدإ المقدس مناصرة حق الشعوب في تقرير مصيرها، معتبرا أن القضية الصحراوية تصفية استعمار، موجها رسالة غير مشفّرة لقوى الاحتلال «أن الجزائر ليست ضد المغرب الذي عليه الاقتناع بأنها باقية على الوفاء والدعم لتقرير مصير الشعب الصحراوي طبقا لقيم السياسة الخارجية التي يبقى نوفمبر مرجعيتها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.