تمكنت الجزائر بفضل حنكتها الدبلوماسية من التأثير على حل مختلف الأزمات، سواء بدول الساحل الصحراوي أو شمال إفريقيا وتوجيهها نحو الحل السياسي الذي يعتبر الأنجع لتجاوز المحن والعودة إلى طريق التنمية، وسيكون لحل مختلف المشاكل بالمنطقة قيمة مضافة للأمن عبر الحدود الجزائرية التي تستنزف قدرات الجزائر الدفاعية وتؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، خاصة من خلال زيادة الإنفاق العسكري والتأثير على جلب الاستثمار وتوفير أموال التنمية.
وتجني بلادنا اليوم ثمار المصالحة والسلم بمالي حيث وبعد عام من دخول الاتفاق حيز التطبيق تراجعت حدة الأعمال الإرهابية قرب الحدود الجنوبية الجزائرية، وحتى تلك الاعتداءات ضد قوات “المينوسما” التي تسهر على ضمان سير الاتفاق وتساهم في حفظ الأمن والاستقرار زادت باماكو إصرارا على التصدي لكل المحاولات التي تهدف لضرب اتفاق الجزائر وفوتت الفرصة على الجماعات الإرهابية لإغراق دول الساحل بالدم.
وسيكون لدعم وتشجيع التنمية قيمة مضافة لمالي من أجل القضاء على العوامل السلبية التي كانت وراء جر العديد من الشباب المالي المغرر بهم للالتحاق بالجماعات الارهابية، ولكن تبقى كل هذه الآمال معلقة على نوايا الدول الكبرى للمساهمة في تنمية مالي وعدم الاكتفاء بالتدخل عسكريا لتجريب الأسلحة وضمان النفوذ والحصول على صفقات استغلال المواد الأولية.
وبانفراج الأزمة الليبية بوصول حكومة فايز السراج إلى طرابلس ومباشرتها العمل لاسترجاع السلم والأمن بالبلاد وسعيها للم شمل الليبيين، والقضاء على ما يسمى تنظيم “داعش” بسرت، ستنعكس كلها إيجابا على الجزائر، خاصة من خلال دعم ليبيا لتكوين جيش قوي يستطيع تأمين الحدود ومنه تخفيف الضغط عن الجزائر، فغرب ليبيا الذي يعتبر قارة مفتوحة تحتاج إلى قدرات كبيرة لوقف تدفق السلاح نحو الجزائر، بعد أن سجل الجيش الوطني الشعبي العديد من العمليات الناجحة والتي انتهت بحجز كميات كبيرة من السلاح كانت موجهة للأعمال الإجرامية.
وتعمل الجزائر دائما على حشد الدعم والمساندة لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا لتجنب تطبيق بعض المقترحات الغربية وأهمها التدخل عسكريا في ليبيا لدحر ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية، وقد نجحت قوات ليبية من دخول مدينة “سرت” واسترجاع أجزاء كبيرة منها، في انتظار تحريرها نهائيا.
وسيكون لاستقلال الصحراء الغربية، من خلال تمكينها من استفتاء تقرير المصير، مكسب آخر للجزائر من خلال تقسيم أعباء حماية وتأمين الحدود بين مختلف الدول المجاورة التي تفوق 6400 كلم.
وتبقى الحدود الجزائرية - المغربية رهينة تهريب الممنوعات والتي تكلف بلادنا الكثير من الجهد والمال، في ظل التعنّت المغربي وسلبيته في الانخراط بشكل إيجابي في مهمة تأمين الحدود وقطع دابر الجماعات الدموية التي تحالفت مع جماعات التهريب لتشكيل ميليشيات تهدد أمن المنطقة وتجرها لوضعيات لا تحمد عقباها