بعد أن سجلت نسبة فشل بـ46٪

ضرورة القيام بدراسات حول أسباب التعثر في شهادة المتوسط

حكيم بوغرارة

تعتبر 46 من المائة نسبة فشل في شهادة التعليم المتوسط، أي 240 ألف تلميذ عجزوا عن النجاج بالأمر الخطير، بالنظر لعديد المعطيات والمؤشرات التي يجب أن تتوقف عندها وزارة التربية الوطنية وحتى الأسرة الجزائرية من خلال الاستماع للتلاميذ ومساعدتهم نفسيا لتجاوز مرحلة المراهقة بسلام وتمكينهم من متابعة نفسية واجتماعية لتعويض هذا الفشل الذي قد يتسبب في تخلي الكثير من التلاميذ عن مقاعد الدراسة.
إن نسبة الفشل هذه ستتناقص باحتساب معدل الفصول الثلاثة، حيث سيتمكن الكثيرون من المرور للمرحلة الثانوية، لكن نسبة أخرى كبيرة ستعيد السنة ومنه خلق مشاكل جديدة كالاكتظاظ في قاعات التدريس وزيادة الضغط على الأساتذة الذين لطالما اشتكوا من تزايد عدد التلاميذ في القاعة الواحدة وهو ما يخلق أزمة استيعاب وتوفير الجو الحسن للتلاميذ من أجل تطوير قدراتهم المعرفية.
حتى ولو تم تسجيل تحسّن طفيف بالمقارنة مع السنة المنصرمة، إلا أن التسرّب المدرسي سيكون أكبر رهان يجب القضاء عليه، بالنظر لتبعاته السلبية التي تتمثل في توجه التلاميذ نحو المجهول، خاصة بالمناطق النائية التي تعرف نقصا فادحا في مراكز التكوين المهني، أو بعدها عن مناطق سكن التلاميذ، ما يجعل الفراغ ثم الانحراف يسيطران عليهم.
المدرسة الجزائرية التي تعرف تحولات كبيرة وسلسلة إصلاحات متتالية وفي ظرف قياسي، باتت تفتقد للاستقرار وهو ما فتح باب الصراع على مصراعيه بين النقابات والوصاية. كما أن كثرة المطالب المادية على حساب مستقبل التلاميذ، جعل الكثيرين يطالبون بضرورة عودة الاهتمام بالقيم التي كانت تسوقها المدرسة الجزائرية، حيث كانت سلطة الأستاذ المعنوية حاضرة في الأسرة والشارع وغيرها من المؤسسات الاجتماعية.
وحتى الأسرة الجزائرية مطالبة بمراجعة نفسها وردّ الاعتبار لسلطة الآباء على الأبناء وعدم ترك التكنولوجيات الحديثة والقنوات الفضائية تصنع شخصية التلاميذ الذين يظهر من قصات شعورهم وسلوكهم أمام المتوسطات بأن الكثير من الاختلالات تعاني منها شريحة المراهقين.
ويتساءل الكثيرون عن دور المختصين النفسانيين الذين يزاولون نشاطهم على مستوى المدارس والمتوسطات ودورهم في معرفة انشغالات التلاميذ والاستماع لهم ولانشغالاتهم من أجل تقديم الإجابات اللازمة عن مختلف التغيرات النفسية والفسيولوجية للتلاميذ.
إن تحميل الوزارة أسباب الفشل أمر خطير جدا، وينمّ عن صورة نمطية انتشرت في المجتمع، حيث يأخذ الجميع الإيجابيات وينسبونها لأنفسهم ويحمّلون السلطة كل مظاهر الفشل.
إن المورد البشري والتنشئة الاجتماعية يجب أن يكونا محور أي برامج تنموية واستراتيجية، لأن التجارب السابقة وما مرت به الجزائر يرجعه الكثيرون للمدرسة، فإن تطورت التنمية والأوضاع بصفة عامة فالأمر يعود للتربية، وإذا عمّ الفساد وانتشرت الرداءة فالمجتمع يحمل المسؤولية للمدرسة كذلك.
إن العمل الأكبر يبدأ بعد الإعلان عن النتائج لمرافقة الناجحين والراسبين على حد سواء، لأن ترك التلاميذ للمجهول سيكون قنبلة موقوتة ستنفجر على الجميع مستقبلا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025