بحضور مسؤولين سامين يتقدمهم بن صالح وولد خليفة وڤايد صالح

بوعلام بسايح الدبلوماسي والمثقف يوارى الثرى بمقبرة العالية

نور الدين لعراجي

صاحب رائعة «بوعمامة» يترجل الموت ويمضي في سجل الخالدين
وجوه تاريخية وسياسية تجمع على خصال الفقيد

انطفأت شمعة أخرى من شموع الوطن المفدى، شمعة الكاتب والمثقف والشاعر وصاحب رائعة فيلم «بوعمامة « وكتاب «الأمير عبد القادر»، بوعلام بسايح، ضابط جيش التحرير الوطني، الدبلوماسي المحنك والقائد الفذ إبان ثورة التحرير، ووزير الخارجية السابق والمستشار لدى رئيس الجمهورية قبل رحيله، الموسوعة والكنز المعرفي، عن عمر ناهز 86 سنة، يرحل إلى الدار الأخرى، تاركا خلفه أمهات الكتب والمؤلفات والبحوث في التراث الشعبي والتاريخي والقانوني والدستوري وغيرها من العلوم الأخرى، إضافة إلى مساره السياسي والنضالي والدبلوماسي.
شيع بمقبرة العالية بعد ظهر أمس، جثمان الفقيد بوعلام بسايح وزير الدولة المستشار الخاص والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، في جنازة تمت بمراسيم رسمية تخللتها التحية العسكرية لأفراد الجيش الوطني الشعبي، وفرقة التشريفات للحرس الجمهوري التي رافقت الموكب الجنائزي إلى غاية التشييع تحت طلقات نارية.
تحولت مقبرة العالية أمس إلى محج كبير للشخصيات الوطنية والتاريخية والسياسية وبحضور مسؤولين سامين في الدولة يتقدمهم رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الدستوري، مراد مدلسي، وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، ووزراء سابقين وحاليين، والعديد من الوجوه السياسية والتاريخية ورفاق الفقيد من مدينة البيض والولاية التاريخية الخامسة، وعدد من أصدقائه وأقاربه الذين عبروا لـ«الشعب» عن بالغ تأسفهم وحزنهم وحسرتهم على هذا الفقدان الذي مس شخصية بسايح.
الفقيد الذي وافته المنية أول أمس بمستشفى عين النعجة اثر مرض عضال أبنه وزير المجاهدين الطيب زيتوني بكلمة مؤثرة ذكر فيها مناقب الرجل العديدة، معتبرا أنه بعدما استوفى واجبه تجاه وطنه في معركة التحرير، وبعد مرحلة التشييد وفي ظل الجزائر المستقلة، حيث أبلى البلاء الحسن مؤديا واجباته بكل أمانة، تشاء الأقدار أن يرحل بسايح بعد أن اختاره رئيس الجمهورية إلى جانبه فعينه مستشاره الخاص.
ذكر زيتوني في مقتضب كلمته التأبينية بأنه «لا عزاء لنا في هذا المصاب الجلل إلا الصبر والاحتساب»، مبديا حسرته عن الفقيد في قوله «لقد ترجلت أيها المجاهد المقدام والمفكر الفذ والعالم الرزين والأستاذ القدير والدبلوماسي المحنك، الذي افنى وقته وخريف عمره في أن يحيا مجد الوطن وعزته».
إن استحضار صفحات بسايح في وقت وجيز لا يفي الرجل حقه ومرتبته، لأنه تاريخ طويل وفي مجالات متعددة، ولأنها سيرة حافلة بالإنجازات العظيمة ومؤلفاته ستبقى خالدة خلود الدهر وهي كالمشكاة التي تضيء دروب الأجيال والمفكرين والمثقفين والطلبة، كما أن رصيد الفقيد في الشؤون الدبلوماسية لا يشوبه أدنى شك وهو صاحب العديد من المواقف المشرفة في تاريخ علاقاتنا الخارجية.
بعد كلمة زيتوني حمل النعش على أكتاف أفراد قوات الجيش الوطني الشعبي مغطى بالعلم الوطني إلى حيث مثواه الأخير، إلى جوار الكثير من الأسماء الذين افتقدتهم الجزائر وكانوا من صناع عزها ومجدها  كالطاهر وطار، عبد الرزاق بوحارة، الهاشمي هجريس، عبد المجيد أوشيش، عبد الكريم حساني، أحمد محساس، محمد البشير بومعزة، والعديد من القادة التاريخيين الذين افتقدتهم الجزائر، الذين سوف يرقد إلى جانبهم نومته الأبدية.
في جو مهيب وأمام أنظار كلها حسرة على هذا الفقدان الأليم، حمل أفراد الحماية المدنية جثمان الفقيد إلى حيث النومة الأبدية، في الوقت ذاته حمل رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح العلم الوطني الذي سجى به الضريح مقدما إياه إلى أخ الفقيد ممثلا عن العائلة الصغيرة والكبيرة التي كان حضورها متأثرا جدا بهذا الفقدان حيث أبلغه التعازي، مقدما له دعم الدولة وموقفها المشرف تجاه شخص بسايح الذي لم يدخر جهدا في مد العون والمدد للجزائر، لذلك جدير بعائلته أن تحتفظ بهذا العلم الوطني عربون محبة وإجلال لعطاءاته وكنزه المتوارثة وهو الذي الذي دافع عنه إبان ثورة التحرير.
للتذكير بوعلام بسايح من مواليد مدينة البيض سنة 1930 ترك رصيدا هاما وحافلا بالعطاءات والمؤلفات الأدبية والتاريخية، وهو نفس الاهتمام الذي لمسناه عند أقاربه من البيض الذين قدموا لتوديع رفيق دربهم.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024