تسمح الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بتمكين الأشخاص الطبيعيين والمعنويين على حد سواء من التبليغ عن قضايا فساد أو التعرض لضغوطات دفع رشوة، بالإضافة إلى إمكانية متابعة المتورطين في قضايا الفساد خارج الوطن وإحالتهم إلى العدالة، وهو ما يعد خطوة إيجابية وجد هامة، ستمكن الجزائر من تفعيل آليات مكافحة الفساد من جذوره وبشتى أشكاله حسبما يراه قانونيون.
تضطلع هيئة الوقاية من الفساد التي أعلن عن تشكيلة أعضائها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بمتابعة قضايا الفساد ومكافحة آليات انتشاره انطلاقا من المستوى الوطني، لتتمكن من متابعة الأشخاص المتورطين في قضايا الفساد حتى خارج الوطن أي على المستوى الدولي حسبما كشفه رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني.
وأوضح الحقوقي قسنطيني في اتصال مع “الشعب” أمس، أن تنصيب الهيئة في هذا الظرف يعد خطوة جد إيجابية، لمواجهة انتشار الفساد في بلادنا وتحسين صورة الجزائر على المستوى الدولي في إطار تعزيز دولة الحق والقانون التي ترمي إليها مبادئ حقوق الإنسان والتي تأتي في مقدمتها محاربة الرشوة والفساد الإداري الذي عرف انتشارا مخيفا في الآونة الأخيرة.
واعتبر قسنطيني أن تنصيب الهيئة يتماشى مع المبادئ الدستورية الواردة في أسمى قوانين البلاد، بالإضافة إلى التزامات الجزائر الدولية، حيث أن الجزائر عرفت عدة قضايا فساد مؤخرا لكن لم يكن لها تأثير كبير ما يعني لجوء رئيس الجمهورية إلى تنصيب الهيئة هو قطع الطريق نهائيا أمام المفسدين لاسيما وأن الهيئة تتمتع باستقلالية مالية وإدارية تامة ما يستدعي مثل هذه الهيئات.
وعن مدى مصداقية الاستقلالية للهيئة التي يشكك فيها الكثير، يرى الحقوقي قسنطيني أن رئيسها يعد مثالا في الصدق والكفاءة العالية في التسيير، وهو الأمر الذي ينطبق على باقي الهيئة، موضحا أن مبدأ الاستقلالية سيمكنها من تفعيل قراراتها ولا يمكن لأي جهة تعطيل عملها على أرض الواقع، مشيرا إلى أن رئيس الهيئة يتحلى بمبادئ أخلاقية عالية وله ثقافة في مجال محاربة الفساد.
وبحسب قسنطيني فإن الآليات التي تقوم عليها هيئة وقاية الفساد هو دراسة الملفات دراسة قانونية وإحالة تقريرها إلى وزارة العدل التي تفصل في قضايا الفساد سواء التي تورط فيها أشخاص طبيعيون أو معنويون على حد سواء، كما يمكن للهيئة حسب الحقوقي متابعة القضايا التي تحدث خارج بلادنا ويكون لها تأثير على الوطن وهو ما يؤكد فعليا مبدأ الفاعلية في دراسة ومتابعة الملفات.
في مقابل هذا يمكن لأي مواطن الاتصال مباشرة بالهيئة للتبليغ عن قضايا فساد أو التصريح بوجود شبهات في ملف معين، الأمر الذي اعتبره قنسطيني في غاية الأهمية والشفافية التامة، التي ستعمل على ضوءها الهيئة في إطار المرسوم الذي يحدد عملها وفقا لما ينص عليه الدستور وفق التعديلات الأخيرة.
وتحظى الجزائر حسب المتحدث بمكانة وصورة جد حسنة على المستوى الدولي في مجال مكافحة الفساد وهي مطالبة بالمزيد في الوقت الراهن، وذلك في إطار الجهود المبذولة لاسيما على مستوى حقوق الإنسان التي تواجه مشكلة الرشوة والفساد الإداري باعتبارهما أكبر تحديين في الجزائر حسب فاروق قسنطيني، لكن اعتبر خطوة تنصيب الهيئة في صميم إرادة ترقية حقوق الإنسان.