سيادة أوبيك أولا

حكيم بوغرارة

تتوجه أنظار العالم إلى منتدى الجزائر حول الطاقة والاجتماع غير الرسمي لمنظمة “أوبيك” ودول أخرى تنشط خارجها، على غرار روسيا، الذي سيحتضنه المركز الدولي للمؤتمرات الجديد بالعاصمة، وهذا في ظل ظروف وتحولات عصيبة يشهدها العالم.
يكتسي اجتماع الجزائر أهمية بالغة جدا، خاصة من خلال تأكيد دول “أوبيك” على سيادتها على الموارد النفطية وقدرتها على كبح جماح وتأثير الشركات متعددة الجنسيات التي باتت تسيطر على حصص هامة من الإنتاج، بعد دخولها عديد الدول كشريك في الإنتاج وهو ما جعل المعايير التقليدية التي كانت تتحكم في السعر تتلاشى تدريجيا، أمام زحف “بريتيش بيتروليوم” و«شال” و«شلوم برجي” و«هاليبورتون”.
تحاول عديد العواصم الغربية تقديم صورة أخرى عن اجتماع الجزائر، بالترويج إلى عدم قدرة المشاركين التأثير في أسعار البرميل السائدة حاليا وفوق ذلك وبلغة الواثق من نفسها تتنبأ الدول الغربية بوصول سعر البرميل إلى 60 دولارا في أحسن الأحوال في تصريحات تؤكد أن سوق النفط يسودها الغموض وهو ما جعل شعوب الدول النفطية تشعر بالقلق على أهم مصدر للتنمية وهو الذهب الأسود.
الخلافات السياسية ليست مبرراً؟
إن إذكاء الخلاف بين السعودية وإيران ومحاولات صب الزيت على النار من عديد الأطراف، خاصة إسرائيل ودول غربية، ليس بريئا، فالهدف من ورائه إشعال الشرق الأوسط وزرع الفتنة الطائفية لتسهيل السيطرة على منابع الطاقة ودخول السوق الإيراني، وما إبداء الشركات الأمريكية رغبة الاستثمار في مختلف القطاعات بإيران، إلا مؤشرا على الصراع الفرنسي - البريطاني - الأمريكي على طهران، حيث وبعد الاتفاق على الملف النووي الإيراني، تتسابق العواصم الغربية للانفراد بالبلد الأسيوي، بالنظر لما له من مقومات اقتصادية قد تكون متنفسا لعديد الاقتصاديات التي تعاني الكساد وانخفاضا في نسب النمو.
يظهر أن الغرب يرسم إيران كقوة أمبريالية في الشرق الأوسط من خلال التحليلات التي تدور حول الأزمة اليمنية والسورية وتصوير إيران وكأنها ضد السنّة والعربية السعودية، وأنها مؤيد لحزب الله وجماعة الحوثيين، دون الحديث عن الجرائم التي ترتكب في حق الشعوب العربية والإسلامية، تحت مبررات محاربة تنظيم الدول الإسلامية “داعش”.
ولم تتوقف وسائل الإعلام الغربية على نشر التصريحات والتصريحات المضادة بين طهران والرياض واستغلال موسم الحج لزيادة الشحناء بين البلدين، وهناك وسائل إعلام تتحدث عن شروط السعودية لتجميد وخفض الإنتاج، منها دعوة إيران لتخفيض إنتاجها.
أمام كل هذه الظروف والضغط المفروض على السوق النفطية، ستكون الدول النفطية على موعد مع التاريخ للتأكيد على سيادتها على النفط وقدرتها على الاستجابة لتطلعات شعوبها، بدلا من الخضوع للضغط وهيمنة الشركات متعددة الجنسيات، طالما أن الخلافات السياسية أمر عادي والمجال الدبلوماسي مفتوح للتسوية، مثلما حدث بين الجزائر وإيران، وإيران والغرب.
حضور روسيا قيمة مضافة...
إن تأكيد وإصرار روسيا على حضور منتدى الطاقة والاجتماع غير الرسمي “لأوبيك”، قوة معنوية للدول المنتجة للنفط، خاصة وأن موسكو عبرت عن دعمها للدول العربية والإسلامية في مواجهة الغرب. كما أن توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، بشأن قضية أوكرانيا وسوريا، قد يجعل تخفيض الإنتاج أمرا سهلا، لأن الغرب استفاد كثيرا من انخفاض أسعار النفط ليحسن مؤشرات اقتصاده الكلية. ففاتورة النفط انخفضت بقوة وهو ما جعلها تتغول عسكريا من خلال تطوير ترسانتها العسكرية وفرض منطقها على دول العالم ودفعها لاقتناء ملايير الدولارات من الأسلحة، بينما دخلت شعوب الدول النفطية في أزمات متعددة وسياسات تقشف كانت وراء الكثير من الاضطرابات، مثلما يحدث في فنزويلا.
سيلقي الاتفاق السعودي - الروسي حول التنسيق لضبط سوق النفط بظلاله، من خلال تحفيز مختلف الدول على الانخراط في مسعى ضبط السوق وتجميد الإنتاج وتخفيضه.
في انتظار قمة نوفمبر...
يرتبط اجتماع الجزائر ارتباطا وثيقا بقمة “أوبك” الرسمية المقررة نهاية نوفمبر المقبل، فأي اتفاق إيجابي في الجزائر سيجعل قمة نوفمبر مفتوحة على احتمالات إيجابية للوصول إلى أسعار في مستوى تطلعات الدول النفطية التي تنتظرها تحديات كبيرة، خاصة في المجال التنموي.
وأي قرار سلبي سيجعل استقرار الجبهات الاجتماعية والسياسية على المحك.
كما أكد عديد الخبراء في المجال النفطي، أن إنجاح قمة الجزائر يجب أن يكون من خلال التنازل عن الخلافات السياسية ومنح الجبهة الاقتصادية فرصة تحصيل المزيد من العائدات.
ولا يستبعد الكثيرون محاولات بسط الصلح بين مختلف العواصم التي تشهد توترات من أجل المصلحة العليا، وفضح سياسات الدول الغربية التي باتت تتكئ على زرع الحقد والكراهية وإذكاء الفتنة الطائفية والأقليات لتبرير التدخل والسيطرة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19876

العدد 19876

الأحد 14 سبتمبر 2025
العدد 19875

العدد 19875

الأحد 14 سبتمبر 2025
العدد 19874

العدد 19874

السبت 13 سبتمبر 2025
العدد 19872

العدد 19872

الأربعاء 10 سبتمبر 2025