منيت المخططات التي اعتمدها تنظيم «داعش» الإرهابي لضرب الجزائر بفشل ذريع، حيث لم يستطع إيجاد موطئ قدم له داخل الأراضي الجزائرية، كما فشل في تجنيد الشباب الجزائري للالتحاق بصفوفه، حيث لم يتعد عدد الذين التحقوا بهم 150 فردا، بينما وصل عدد التونسيين والمغاربة حوالي 9 آلاف عنصر جندهم تنظيم «داعش» للقتال في صفوفه في كل من سوريا، ليبيا والعراق.
هذا بحسب دراسة تحليلية نشرتها الخميس إحدى الوكالات الإخبارية الدولية المتخصصة في تغطية الأزمات الإنسانية المعروفة اختصارا تحت اسم «ايرين»، وجاء في هذه الدراسة أن الجزائر تشكل استثناءا في العالم الإسلامي كله في عملية التجنيد التي يقوم بها التنظيم الإرهابي «داعش» عبر هذه الدول، وأضافت أن هذا الاستثناء الجزائري يأتي في الوقت الذي تعرف فيه الدول المجاورة لها نشاطا مكثفا للجماعات الإرهابية ولتنظيم «داعش» تحديدا في إشارة إلى ليبيا ومالي.
لكن رغم ذلك -أضافت الدراسة- كان عدد الجزائريين الذين التحقوا بـ»داعش» الإرهابي ضئيلا جدا مقارنة بالتونسيين الذي يقدر عددهم بحوالي 7 آلاف والمغاربة الذين ناهز عددهم 1500، ولولا تفطّن الجزائر التي اتخذت قرارا يقضي بمنع المواطنين المغاربة من المرور عبر أراضيها بهدف الالتحاق بالتنظيم في ليبيا لكان العدد أكبر من ذلك بكثير.
إن فشل تنظيم الارهابي «داعش» في استقطاب الشباب الجزائري رغم الاستراتيجيات، التي يعتمد عليها في التجنيد مثل اللجوء إلى المغريات المالية والجنسية الدنيوية أو الوعود والإغراءات الأخروية، التي يعد بها الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر خلايا التجنيد المباشر، استعصى عليه إغراء الشباب وهذا يدل بوضوح على درجة النضج التي وصل إليها الشعب الجزائري وإدراكه لخطر الجماعات الإرهابية التي فهم أنها توظف الدين لأغراض إجرامية إرهابية أو من أجل خدمة أجندات أجنبية مشبوهة هدفها تهديد أمن واستقرار البلاد.
إن هذا الوعي الذي أصبح يتمتع به الجزائريون لم يأت من العدم، ولكن أنضجته تجربة عشرية حمراء من المعاناة في مواجهة سرطان الإرهاب البغيض، دفع خلالها الشعب الجزائري ضريبة الدم حين كان يواجه هذه الظاهرة منفردا بينما لم يحسم العالم أمره بعد مما كان يحدث وذهبت أطراف أخرى إلى محاولة نشر البلبلة والارتباك عبر التسويق لأطروحات مشبوهة مثل اسطوانة « من يقتل من « في الوقت الذي كان الجيش الوطني الشعبي و مختلف الأسلاك الأمنية تبلى البلاء الحسن في دك معاقل الجماعات الإرهابية المدعومة آنذاك بالأموال و السلاح القادم من كل حدب وصوب وفتاوى تطلق من بعض العواصم العربية والأوربية تبيح تذبيح وقتل الجزائريين جهارا نهارا.
إن كل هذه الفصول المظلمة التي كابدها الشعب الجزائري في مواجهة الهجمة الإرهابية الدولية وسط لا مبالاة المجتمع الدولي الذي اكتفى جزء بالوقوف مكتوف الأيدي والتفرج على مآسينا وبعضه الآخر بالتحريض وصب الزيت على النار هي التي جعلت الشعب الجزائري محصنا من الدسائس والمؤامرات، التي تقوم بتنفيذها تلك «الأجهزة» الإرهابية التي تصنع في الدهاليز المظلمة لتوكل إليها مهمة بث الخراب والموت أينما حلّت.