قال الدبلوماسي السابق والخبير في اللجنة الأممية لمكافحة كل أشكال التمييز داخل الأمم المتحدة نور الدين أمير، إن محاكمة فرنسا لارتكابها جرائم 17 أكتوبر على أساس أنها “جريمة دولة “، أمر يتطلب تجنيدا من داخل الجزائر من خلال تعزيز عمل المجتمع المدني و ترسيخ الوطنية في الجيل الثالث من الجزائريين و تكريس الديمقراطية العميقة لنكون بالقوة المطلوبة في مواجهة دولة كفرنسا لديها تقاليد تزيد عن القرنين .
أوضح المجاهد والدبلوماسي السابق ضيف جريدة “الشعب” أن المواثيق الدولية لاسيما إعلان حقوق الإنسان يتضمن كل آليات القانون الجنائي الدولي الكفيلة بمتابعة و معاقبة الجرائم ضد الإنسانية مهما كانت الأفعال المكونة لها، مشيرا إلى أن العالم اليوم نتيجة للعولمة تجاوز مسألة المفهوم و المعاقبة و أصبحت الأمور واضحة أكثر من خلال تبني الكثير من الاتفاقيات الدولية من طرف الدول و التي تحرّم و تجرّم كل سلوك ينتهك الكرامة الإنسانية فما بالك بالحق في الحياة و جعلها ضمن التزاماتها الدولية .
وقال الخبير في اللجنة الأممية لمكافحة كل أشكال التمييز داخل الأمم المتحدة ، إن مجازر 17 أكتوبر 1961 جريمة دولة ارتكبت من قبل فرنسا حتى و إن لم تعترف بها ، ولن تسقط بالتقادم وفقا للمواثيق الدولية عن مرتكبيها من الجناة الذين كانوا يمثلون الحكومة الفرنسية لأن ضحاياها كانوا أبرياء خرجوا في مظاهرات سلمية و لقوا حتفهم في نهر “السين” في مواجهة مع شرطة باريس.
وحسب أمير فمجازر 17 أكتوبر 1961 هي محطة دموية تضاف إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبتها فرنسا ضد الإنسانية والاستعمار والتعذيب والإعدام التعسفي والتجارب النووية بالصحراء الجزائرية و مخيمات الاعتقال، بالرغم من محاولاتها نكران الحقيقة وإخفائها وتصنيفها في خانة الحرب غير الكلاسيكية .
و أوضح المجاهد أمير أنه استنادا للمواثيق الدولية فإن اعتبار مجازر 17 أكتوبر جريمة دولة مرتبط باعتراف فرنسا بأن ما جرى بالجزائر كحرب تحريرية كلاسيكية حقيقية و دموية، و لهذا فهي تتملص من هذا الاعتراف في كل مرة و لا تتعامل معها إلا على أساس أنها “أحداث الجزائر” و تدرس كمادة التاريخ ضمن برنامجها المدرسي و تلقن للأجيال الصاعدة وفقا لهذا المنظور.