ستحول أسواق النفط أنظارها، نحو فيينا حيث سيجري الاجتماع الرسمي للدول المصدرة للنفط «أوبك»، والمتوقع أن يخرج بقرار يعزز اتفاق الجزائر القاضي بخفض ناتج المنظمة إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل في اليوم بهدف تحقيق استقرار في الأسعار.
ترتبط انتعاشة سعر برميل النفط ارتباطا وثيقا بمخرجات الندوة الوزارية الرسمية لدول الأوبيك، في 30 نوفمبر الجاري، حيث أن بلوغه الـ55 دولار وحتى عتبة 60 دولارا، سيحدث بشكل فوري في حالة ما إذا توج البيان الختامي باتفاق يقضي بخفض حوالي 700 ألف برميل في اليوم من إجمالي إنتاج المجموعة.
ويجمع خبراء الطاقة، أن أفضل ورقة يلعبها منظمة البلدان المصدرة النفط، لاستعادة توزان الأسعار تتمثل في تثبت اتفاق الجزائر (28 سبتمبر 2016)، رغم التعقيدات والصعوبات التي اعترضت لجنة الخبراء المسؤولة عن تحديد حصص كل دولة في خطة تخفيض الإنتاج إلى ما بين 32.5 و33 ب/ي.
التوصل إلى اتفاق سيحقق دون أدنى شك مصالح كافة الدول، باعتبارها جميعها متضررة من الأزمة التي فاق أمدها السنتين ونصف، ونجم عنها انهيار في استثمارات قطاعات الطاقة ما يشكل تهديدا للأمن الطاقوي العالمي على المدى المتوسط.
ورأبا للحساسيات الحاصلة داخل المنظمة، لعبت الجزائر دورا تفاوضيا كبيرا قبل الاجتماع الاستثنائي الذي احتضنته وتوج باتفاق تاريخي نهاية سبتمبر الماضي، وقبيل ندوة فيينا، واستطاعت دبلوماسيتها القوية أن تغير قواعد المعادلة القائمة على أن التأثير لمن ينتج أكبر، محدثة توافقا انعكس بشكل فوري على سعر النفط الذي ارتفع ب6 دولار وبلغ البرميل 55 دولارا في ظرف أسبوعين.
و نظرا لتعلق تقلبات أسعار الذهب بالحرب النفسية، فعلت إشاعات الأيام القليلة الماضية التي أثيرت حول تشنج جديد بين العربية السعودية وإيران فعلتها وجعلت سعر البرميل يسقط إلى حدود 46 دولارا.
وتفاديا لأي طارئ سلبي، باشر وزير الطاقة نور الدين بوطرفة، جولة تشاورية بين بعض العواصم المؤثرة في سوق النفط، واستهلها من الرياض أين اجتمع بوزير النفط خالد الفالح، وبعدها طهران، ليصل أمس، العاصمة الروسية موسكو أين التقى وزير الطاقة الروسي إلكسندر نوفاك، وأبدى هذا الأخير استعداد بلاده مرافقة دول الأوبيك بخفض 500 ألف برميل من إنتاجها في حالة جسدت المنظمة اتفاق الجزائر على أرض الواقع.
الأصداء الإيجابية الأولى وفي حال ترسمها الخميس المقبل، ستؤكد مرة أخرى الدور البارز للجزائر داخل المنظمة وقدرتها العالية على التفاوض بما يخدم مصالح البلدان المصدرة للنفط، ويأتي تدخلها هذه المرة في ظرف صعب للغاية نظرا للأضرار البليغة التي لحقت باقتصادات الدول الأعضاء.
من جانب آخر، سيكون تبني الأوبيك لفحوى اتفاق الجزائر صونا لمصداقيتها داخل الأسواق وتأكيد على عودة التضامن بين أعضائها وطوحها للتحكم مجددا في خيوط اللعبة الطاقوية عالميا.