المجاهد محمد المولى

هكذا انخرطت في مسيرة النضال إبان حرب التحرير

سهام بوعموشة

جمع مواد لصنع القنابل وجلب السلاح مهمة أديتها بأمانة
كان يلقب بـ «محمد الطوليي»، وصفته الإدارة الاستعمارية بالعنصر الخطير والإرهابي صانع القنابل، كونه كان من أنشط المناضلين بالمنطقة الحرة العاصمة، كما كان محل بحث من طرف مصالح المخابرات الفرنسية، هو المجاهد محمد عبد المولى. رغم مسيرته النضالية إبان حرب التحرير الوطني، إلا أنه شخص متواضع وفضل لدى نزوله ضيفا على منبر «الشعب»، الحديث عن الشهداء الذين، بحسبه، هم من أدوا واجبهم على أكمل وجه وضحوا بشبابهم وأولادهم من أجل استرجاع السيادة الوطنية.


كان شابا في عمر الزهور لا يتعدى 17 سنة، يقطن بالسيدة الإفريقية. بعدها انتقل مع عائلته إلى باب الوادي ولم يكن له حظ في الدراسة، بحكم أن الأوضاع الاجتماعية المزرية التي عاشها الجزائريون بسبب ظلم الإدارة الاستعمارية.
في البداية كان يحضر الجرائد الفرنسية وبعض المواد الغذائية، كالخبز والزيتون لجاره المدعو عبد القادر الساطور، لكنه لم يتمكن من حضور اجتماعات مناضلي الحزب التي كانت تنظم في مقهى يسمّى»السهم» بشارع بورسعيد، بحيث قدم لهم صاحب المقهى كل الدعم.
بالموازاة مع ذلك، كان يمارس رفقة علي لابوانت ومجموعة من الشباب المحرومين «ما بين قوسين منحرفين» لعبة «تشكشيكة»، أمام مدخل سينما ريالطو وبلازا والماجيستيك بباب الوادي والتي تمكنه من جمع المال، وفي المساء يأتي علي لابوانت ليأخذ المال ويترك لهم بعض الدنانير، بحيث كانت تجمع هذه المجموعة الشبانية صداقة المكان والحرمان، وتقريبا كلهم إلتحقوا بالثورة، بحسب ما أفاد به المجاهد محمد عبد المولى. مشيرا إلى أنه أحيانا يباغتهم البوليس الفرنسي على غفلة ليستولي على المال الذي جمعوه، وبحكم القوة الجسدية لعمي محمد، كان دائما يتعارك معهم ولا يتركهم يأخذون المال.
خلال فترة 1951 و1952 قام عمي محمد بتعلم مهنة الميكانيك، بفضل وساطة أحد العاملين في مستشفى مصطفى باشا اليهودي فكتور. بعدها تمكن «موح الطوليي» من فتح مرأب وأصبح يعمل لصالحه. وفي سنة 1953 كان مع لابوانت، وكان دائما يتفوق في المصارعة، نظرا لضخامة جسمه وقوته البدنية. وفي سنة 1955 سافر نحو فرنسا وبالتحديد منطقة روبي، أين مكث مدة ستة أشهر عند المدعو شباح المكي، بطلب من أحمد شيشة الذي كان مسؤولا عنهم لتكوين جبهة هناك، وكان يقوم بأعمال توعوية لصالح الجالية الجزائرية بالمهجر رفقة أحمد الشيموني ومجموعة من المناضلين، لكنه فرّ بسبب الأمانة التي ارتكبت اغتيالات ضد مناضلي جبهة التحرير لأنها كانت تسيطر على شمال فرنسا، وقد نجا من الموت.
اشتباك الكومندو عزالدين بالحدود التونسية - الجزائرية حقق نجاحا باهرا

قال أيضا إنه لحسن حظه غادر فرنسا في آخر رحلة بحرية كانت متوجهة نحو ميناء سكيكدة، بعدها ذهب للعاصمة حيث إلتقى المناضل أرزقي لوني بمقهى بمحاذاة جامع كتشاوة، وكلف بشراء مضخات للسيارات تستخدم لصناعة القنابل بعد منحهم المال.
بالمقابل، إلتحق عمي عبد المولى بالجبل، بالولاية الرابعة، المنطقة الأولى بالأخضرية سنة 1957، وشارك في اشتباك الكومندو عزالدين بالحدود التونسية الجزائرية، بحيث كلف رفقة رفقائه بجمع السلاح بعد قتل الجنود الفرنسيين. وقد كان هذا الاشتباك أكبر نجاح قام به الكومندو عزالدين، الذي مكن من الحصول على 45 قطعة سلاح، بحسب ما أكده عمي عبد المولى، مضيفا أن الكومندو عزالدين هنأه على القيام بمهمته في جمع الأسلحة. كما أشار إلى أنه حين أرسل لإحضار السلاح من تونس، لم يكن يعلم بوجود جماعة تسمّى المشوشين، بحكم أن خلافا كان بين الولايتين الأولى والثالثة، قائلا: «كانت معجزة حين وصلنا إلى تونس والتقينا بالعقيد دحيليس وأوعمران وصالح زعموم في الحدود». وما بين سنتي 1956 و1958 أرسل إلى ليبيا لجلب السلاح من جبل جلود، وفي سنة 1960 كلف بالإلتحاق بالرباط بالمغرب من أجل إيصال ملفات سرية لمصطفى سكينزال، ومع وقف إطلاق النار إلتحق بوهران لمكافحة الجيش الفرنسي السري «لواس»، الذي كان يقوم بعمليات إرهابية ضد الجزائريين. وختم كلامه بالإشادة بشجاعة ووطنية صالح زعموم الذي، بحسبه، لم ينصفه التاريخ.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025