أكد عبد الرحمان بن خالفة، وزير المالية الأسبق وخبير اقتصادي، أن السياسات العمومية في الجزائر لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من أفضل السياسات التي لا نجدها في دول أخرى، مشيرا إلى أن إنشاء شركة وضمان نجاحها لا يمكن أن يكون مباشرة بعد الخروج من الجامعة وأنه ينبغي دراسة السوق ومعرفة الحظوظ والأسعار والتحكم في المقاولاتية، مقترحا التوجه نحو الاستثمار العائلي لديمومة نجاح المؤسسة.
قال بن خالفة، على هامش اليوم الدراسي الذي نظمه تجمع الشباب الجزائري رجاء للتضامن والتنمية، أمس، بالمكتبة الوطنية، حول الشباب والمقاولاتية بعنوان «المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مستقبل الاقتصاد الوطني»، قال إن سنة 2016 كانت مفصلية، بالانتقال من نموذج اقتصادي إلى آخر وستستمر فيه. مضيفا، أن الجزائر بدأت تتحكم وتدخل في الاقتصاد الحقيقي، خاصة في ظل انخفاض أسعار البترول، يتجلى ذلك من خلال صدور قانون الاستثمار والجمارك وقانون المؤسسة.
ويتوقع وزير المالية الأسبق، أن القيمة الحقيقية للعمل والأجور والاستثمار ستعود تدريجيا في المنوال الاقتصادي الجديد إلى الجزائر خلال سنة 2017، وأن سنة 2019 سيكون فيها إقتصاد مبني على العمل غير الاقتصاد النفطي. وبحسب بن خالفة، فإن 2017 تتطلب إنتاجية أكثر والعودة إلى قيمة أكبر وتنظيم للأسعار وممارسات نقية وأخلاقية في المجال التجاري، خاصة في الاستثمار في المؤسسات.
وأبدى بن خالفة تفاؤله بقدوم مستثمرين أجانب لإنعاش الاقتصاد الوطني، قائلا إن الاقتصاد الجزائري بحاجة إلى انفتاح كبير على الخارج للاستثمارات التي تأتي وأن تفتح الأسواق الخارجية للسلع والخدمات الجزائرية.
وفي بداية تدخله، تطرق الخبير الاقتصادي إلى روح المقاولاتية من ناحية السياسات العمومية، قائلا إن هذه الأخيرة متوفرة في الجزائر من خلال الدعم والاستثمارات الكبيرة الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما في مجال الفلاحة، علاوة على الإجراءات التسهيلية للاستثمار وهذه السياسات العمومية لا توجد في الدول المتقدمة، مشيرا إلى أن الكثير من الاستثمارات في السوق غير متحكم فيها، مما أدى إلى تعثر الكثير من الشركات وأنه ينبغي على المؤسسات الجديدة أن تكون لها رؤية حول السوق والمنافس ويتحكم في المقاولاتية، وكذا عدم التسرع في الجري وراء الربح السريع. كما شدد على اعتماد التنظيم والجدية في العمل التجاري وعدم الاتكال على الصفقات العمومية.
وأضاف بن خالفة، أن سبب فشل بعض الشركات هو عدم الملاءمة بين الاستثمار ورقم الأعمال، بحيث أن بعض الشركات تطلب قروضا باهظة، في حين رقم أعمالها ضئيل، وهو ما جعل البنوك تتخوف من منح القروض.
في السياق إقترح الخبير الاقتصادي ضرورة التوجه نحو الاستثمار العائلي لتوسيعه وهو أولى من الإستثمار الجديد، قائلا إن إنشاء ونجاح شركة لا يأتي مباشرة بعد الخروج من الجامعة، بل عبر الاستثمار العائلي أو العمل في إطار المناولة مع شركة كبرى. وبحسبه، فإن الجيل الثاني والثالث من الشباب يضيف شيئا جديدا، داعيا الشركات العائلية للانفتاح وعدم الإنغلاق.
وتطرق ممثل جمعية البنوك، إلى التسهيلات المقدمة لحاملي المشاريع الجديدة تنفيذا لتعليمات الوزير الأول عبد المالك سلال منذ سنة 2013، عبر تقليص عدد الوثائق في السجل التجاري ومدة معالجة الملفات. كما أن 19 مؤسسة مصرفية مرتبطة بشبكة الأنترنت مع المركز الوطني للسجل التجاري وصناديق الضمان الاجتماعي «كناس وكازنوس»، للاطلاع على الوثائق المطلوبة من المستثمر دون تكليفه عناء إحضارها. علما أن 1460 وكالة مصرفية متواجدة، عبر التراب الوطني
نصيرة حداد: نقص العقار أكبر مشكل يعترض حاملي المشاريع
من جهتها أبرزت نصيرة حداد، رئيسة لجنة تطوير الشراكة والتكوين بمنتدى رؤساء المؤسسات، أهمية الشباب باعتباره عنصرا فعالا في التنوع الاقتصادي ولابد من أن يكون في صلب الاقتصادات الناشئة، مشيرة إلى أن النشاط المقاولاتي ومناخ الأعمال مازالت تكتنفه نقائص كثيرة. وأكدت رئيسة لجنة تطوير الشراكة والتكوين، أن المشكل العويص الذي يعترض الشباب حامل المشاريع هو نقص العقار، مطالبة الإدارة والولاة بضرورة رفع هذا المشكل، علاوة على العجز في المقاولاتية مقارنة بجيراننا بتونس والمغرب.
وقالت أيضا، إنه لا يوجد تكوين يتوافق مع احتياجات الاقتصاد ونقص اليد العاملة، داعية إلى إعادة النظر في الحوكمة وترسيخ ثقافة المقاولاتية من الثانوي إلى الجامعة، مع مد الجسر بين الجامعة ومعاهد التكوين وعالم الأعمال.