والي جيجل العربي مرزوق في حوار مع «الشعب»

مركب بلارة مكسب استراتيجي للصنــــاعــــــــة الجــــــــزائريـــــــــــــة

حاوره: حمزة محصول

4 مــــلايـين طن من الحديد والصلب أكثر من 11 ألف عامل بدخول المعمل الإنتاج

خص والي ولاية جيجل، العربي مرزوق «الشعب» بحوار، تطرق فيه إلى مستجدات مركب الحديد والصلب بمنطقة بلارة، وفصل في الاسترايتيجية التنموية التي ستمسح بخلق نسيج صناعي ناجع، وكذا القدرات التي تسمح بمساهمة الجماعات المحلية في التنمية الاقتصادية.

«الشعب»: اختيرت المنطقة الصناعية ببلارة لإنجاز مركب الحديد والصلب، الذي يكتسي أهمية إستراتيجية بالغة، كيف تتابعون عملية تجسيد المشروع وماهي انعكاساته على الواقع التنموي لولاية جيجل؟

الوالي العربي مرزوق: مركب بلارة للحديد والصلب مجمع ضخم يسمح بإنتاج 4 مليون طن من الحديد سنويا عند استلامه بشكل كلي، وسينتج 2 مليون طن في المرحلة الأولى من الاستغلال، وتسير الأشغال بوتيرة جد مقبولة وسيباشر الإنتاج شهر جوان المقبل على أقصى تقدير.
مركب بلارة يمثل خطوة عملاقة نحو تحقيق اكتفاء البلاد من مادة الحديد، وتحيط به مجموعة من المشاريع القاعدية الضخمة، فلكي يشتغل لابد من الماء والغاز الطبيعي والكهرباء. بالنسبة لهذه الأخيرة هناك المحطة (1600 ميغاواط) بالقرب من المركب والأشغال بها متقدمة بشكل جيد، وهناك محول كبير على مستوى بلدية أولاد يحيى خدروش، سيزود المجمع، ولتفادي أي اضطراب سيمون بشكل مؤقت من خط كهربائي قادم من واد العثمانية، سيكون جاهزا شهر مارس المقبل.
سنجلب 10 مليون متر مكعب من المياه من سد بوسيابة إلى بلارة، وشبكة الغاز من قسنطينة، يضاف لها الخط المزدوج للسكة الحديدية الذي يربط الميناء بالمركب، وتتقدم الأشغال بشكل سريع، وقد تم الانتهاء منها داخل الميناء.
كل هذه المشاريع عبارة عن استثمارات ضخمة لها علاقة مباشرة بسير المركب، ويجري إنجازها بوتيرة لابأس بها، ومن موقعنا نتابعها عن كثب من خلال اجتماعات دورية (كل شهر) بالتنسيق مع المعنيين المباشرين بالمشروع.
وأؤكد أن هذه المرافق ستكون جاهزة في الموعد، ليخرج أول قضيب حديد من مركب بلارة مثلما قلت شهر جوان على أقصى تقدير.
وبالنسبة لانعكاسات المشروع على التنمية المحلية، يبقى مهما أن نلفت إلى العدد المعتبر من مناصب الشغل التي وفرها، حيث يشغل المركب لوحده 3000 عامل، ويوجد بمحطة توليد الكهرباء حوالي 700 عامل أو أكثر، و 100 عامل بمحول أولاد يحيى خدروش، وسيعمل حوالي 400 شخص في مشروع جلب أنبوب الغاز الطبيعي من قسنطينة، كل هذا يخص الولاية فقط وليس الولايات المجاورة.
مع مناطق النشاط ستكون هناك عروض عمل جديدة، ومن خلال الحصيلة التي أنجزناها نهاية السنة توصلنا إلى أنه تم خلق حوالي 13 ألف منصب شغل في 2016.

9 مناطق صناعية والقائمة مفتوحة

 في إطار السياسة الاقتصادية للحكومة القائمة على التوجه صوب التنمية الاقتصادية المنتجة للثروة، هل يمكن القول أن مركب بلارة هو قاطرة الصناعة المحلية بالولاية التي سيكون لها أبعاد جهوية ووطنية؟

 في السنوات الأخيرة، قررت الحكومة المضي قدما في اتجاه التنمية الاقتصادية بكل إرادة، ومركب بلارة مثال حي على ذلك، سيسمح رفقة المناطق الصناعة المحيطة به أو المنشأة حديثا بإحداث نقلة نوعية على مستوى ولاية جيجل التي تمتلك منشآت ضخمة لتحقيق اندماج جهوي ووطني إلى جانب الانفتاح على إفريقيا..
ومن المنشآت الواعدة الطريق السريع الذي يربط ميناء جن جن بالطريق السيار شرق غرب بالعلمة، الذي يعتبر عصب التنمية للجهات الأربع للوطن يصل حتى إلى إفريقيا (الطريق العابر للصحراء) والأشغال به تسير مثلما ينبغي بعدما رفعنا كل المشاكل التي أعاقت انطلاق المشروع ولا يوجد ما يمنع الشركات من العمل منذ حوالي 6 أو 7 أشهر، ووصلنا الآن إلى ثقب النفق. وهنا لا بد من الإشارة إلى صعوبة التضاريس الجغرافية، ما يستلزم التعامل مع هشاشة الأراضي وتشييد منشآت فنية على غرار جسر بارتفاع 100 متر بمنطقة بن ياجيس، وحسب علمنا فإن باقي المقاطع بولايتي ميلة وسطيف تسير بنفس الوتيرة.
لذلك أفنذ كل ما يشاع عن تأخر أو توقف الأشغال حيث يمكن للمواطنين رؤية المنشآت، وأستطيع القول أنه في غضون عامين ونصف سنستلم المشروع إذا واصلنا بهذا النسق.
وبالعودة إلى التنمية المحلية، يعتبر مركب بلارة النواة الصلبة لاستراتيجية تنموية على مستوى الولاية، حيث نعمل على دفع مناطق النشاط، القديمة والمستحدثة حديثا.
وبمحاذاة المركب، قمنا مؤخرا باعتماد مشروع لإنتاج الأسمنت «الأخضر»، بشراكة بين مجمع جزائري وآخر إماراتي، وسيوجه كل ما ينتج إلى التصدير لأنها مادة مطلوبة بكثرة في الخارج، وهذا ما يعتبر نموذجا مشجعا للتنمية.
ومنذ تعييني على رأس الولاية وفي إطار توجيهات الحكومة لدفع التنمية المحلية، ومساهمتنا جهزنا منطقتي نشاط بكل من بني أحمد وأوجانة، وهناك 09 متعاملين شرعوا في بناء مرافق وإنجاز مشاريعهم بالأولى و 04 متعاملين بالثانية.
وأضفنا 03 مناطق جديدة في كل من بن ياجيس، سطارة وأولاد يحيى خدروش، وستنطلق أشغال التهيئة والدراسة قريبا بتمويل اقتطعناه من ميزانيتنا لأنه لم يعد ممكنا من ميزانية الدولة.
في الوقت ذاته استرجعنا عشرات القطع الأرضية التي منحت لأناس لم يستغلوها وكذلك الهياكل القديمة المهجورة أو التي حولت إلى مباني للخواص دون وجه حق، على مستوى بلدية الأمير عبد القادر ومنطقة الحدادة بجيجل، لنعيد لها النشاط ونمنحها لمستثمرين جددا.
ونرحب بكل مستثمر حامل لمشروع، لكن هناك أولويات في الاختيار، ليس لدينا أراض غير منتهية، ونختار المشاريع التي تحمل فائدة محلية ووطنية، كأن توظف الكثير من الأشخاص وتسمح بإنتاجية تعوض الاستيراد.
وبالحدادة مثلا منحنا في الأيام القليلة الماضية أرضية مجهزة لمتعامل سينجز مصنعا لمواد سائلة للصيانة ذات جودة عالية تنافس المستوردة، وسيلبي طلب السوق المحلي وله اتصالات للتصدير، كما سيخلق حوالي 100 منصب ويشرع في الإنتاج بعد حوالي 6 أشهر.

 هذه الديناميكية تتزامن مع وضع اقتصادي صعب راجع إلى تدني أسعار المحروقات في الأسواق الدولية، هل تملك ولاية جيجل مقومات خلق التنمية المحلية وفقا للمنظور الجديد للسياسة الاقتصادية للبلاد؟

 بطبيعة الحال تحوز جيجل على إمكانيات معتبرة، ولكن يجب أولا تحديدها واستغلالها بالشكل المطلوب، لتحصيل مداخيل ضرورية لميزانيات البلديات والولاية.
فهناك مرافق عمومية ملك للبلدية أو الولاية وكانت مستأجرة بأسعار رمزية بخسة، على سبيل المثال فندق كتامة، مستأجر بـ 58 مليون سنتيم، وله قاعة حفلات تحصل لصاحبه في ظرف قصير ثمن الكراء، هذا غير منطقي ولابد من تثمين الممتلكات العمومية بمراجعة ثمن الإيجار، وقد اضطررنا إلى غلقه لاستغلاله بالشكل المستحق.
مثال آخر، فضاءات تجارية كانت تستأجر بـ500 ألف دينار العام الماضي قمنا بمزاد عمومي فحصلنا 160 مليون دينار، لاحظ حجم الفرق بين الرقمين وبين المنفعة العمومية في وقت سابق وحاليا.

مداخيل للخزينة المحلية

 هناك بلديات كبرى يمكنها الاستفادة من ممتلكاتها، لكن هناك أخرى صغيرة لا تبدو قادرة على تحصيل مداخيلها دون الاعتماد على إعانة الدولة؟

 لا، كل البلديات لديها مرافقها الخاصة من محلات وسكنات، بلدية سلمى (جبلية) مثلا لديها منبع المشاكي، ويقوم حاليا رئيس البلدية ببناء حظيرة سيارات قريبة يستأجرها الصيف المقبل وتدر مداخيل معتبرة.
صحيح لما تقارن بلديتي سلمى وجيجل لا مجال للمقارنة، ولكن كل واحد لديه الحد الأدنى من الإمكانيات التي تجعله ينعش ميزانيته لقلب الموازين الحالية والاستغناء عن تمويل الدولة لإنشاء مشاريع تنموية.
وإضافة إلى هذا طلبنا من رؤساء بلديات اقتراح وتخصيص قطع أرضية لإنشاء مناطق نشاط مصغرة تعود بالمنفعة على المواطنين. فرفع مداخيل البلديات يلتقي مع ترشيد نفقات الإنارة العمومية، الأوراق الإدارية والهاتف وكل ما يسمح بالحفاظ على الميزانية وتوجيهها لما ينفع التنمية المحلية.

 تحتل جيجل سنويا الريادة في استقطاب المصطافين، فيما يعرف بالسياحة المنزلية التي لا تحقق للأسف النجاعة الاقتصادية المنتظرة منها، كيف تتعاملون مع الأمر؟

 فعلا، مداخيل القطاع السياحي قليلة وهذا واقع، لكن في نفس الوقت السياحة المنزلية ليست خاصة بالجزائر فقط وهي موجودة بمختلف البلدان، ومن طابع الجزائري أنه لا يحبذ الفندق كثيرا لعدة اعتبارات الأمر الذي ساهم في انتعاشها.
والحقيقة أنها جيدة وتساهم في خلق التنمية المحلية، ولكن لا بد من إيجاد صيغة تسمح للسلطات العمومية بالاستفادة ماديا منها، وهناك تعليمة قديمة يمكن تفعليها تنص على التصريح باستقبال كل مصطاف بالمنزل ولما لا دفع مبلغ معين عن كل عملية كراء.
ولكن بالنسبة للمرافق بجيجل هناك مشاريع، فيها فندق بلغ الإجراءات الأخيرة وسيفتح بحلول الصيف القادم، وهناك مشروعان سياحيان سينطلقان عن قريب بالعوانة ومشاريع أخرى قيد الدراسة، تجدر الإشارة إلى أن العائق أمام الدراسات على مستوى الساحل غالبا ما تصطدم بأراض فلاحية أو غابية ولا نستطيع منحها للمستثمرين.
ويبقى مهما التأكيد على أن الممتلكات العمومية يستفيد منها الجميع، لذلك قمنا بهدم كل البنايات التي شيدت بشكل غير قانوني، ولن أسمح ببناء السكنات الفوضوية بجيجل طالما أنا المسؤول الأول عليها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025