أكد أن المقاومة في الشمال والجنوب واحدة

زغيدي: عين صالح شكلت النقطة المحورية لتوغل الاحتلال نحو الجنوب

سهام بوعموشة

دعا المؤرخ محمد لحسن زغيدي الباحثين والمجتمع المدني، للاهتمام بتاريخ الجنوب وتسليط الضوء على المقاومات الشعبية التي انطلقت هناك وقادها الأشاوس لمجابهة الاحتلال الفرنسي، وربط التاريخ الجزائري ببعضه البعض، مؤكدا أنه لا يمكن الفصل بين المقاومة في الشمال والجنوب الجزائري، لأنهما متكاملان من سيدي فرح وانتهاء بجانت، يظهران حب الوطن ورسم حدوده والدفاع عن السيادة الجزائرية من عمق الصحراء.

أبرز الأستاذ الجامعي لدى تدخله، أمس، في الندوة التاريخية التي نظمتها جمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع يومية المجاهد، حول مقاومة عين صالح، أهمية المقاومات الشعبية بصحرائنا التي خاضها قادة أشاوس ضد العدو الفرنسي منذ أن وطئت أقدامه الجنوب، دفاعا عن السيادة الوطنية، قائلا: إن الحديث عن المقاومة الجزائرية للاحتلال هو حديث متكامل غير منفصل في شماله وجنوبه، مشيرا إلى أنه حين نتناول مقاومة أقصى الجنوب نجد أن الاستراتيجية الاستعمارية التوسعية لفرنسا مبنية على هدف، كيفية جعل الجزائر مقدمة وقاعدة أمامية للتوغل والاستحواذ على أكبر مساحة في القارة الإفريقية.
وأوضح زغيدي في محاضرته القيمة، أن الاستعمار وضع برنامجا للتحكم في النقاط الإستراتيجية لمداخل الصحراء والتي تربطها بالقارة الإفريقية من الناحيتين الغربية والجنوبية، بحيث خططت لمنطقة «تدكلت» التي تعد محورا أساسيا في الربط فيما يعرف بالقوافل العابرة للبلدان المتجهة نحو ليبيا وباتجاه المغرب وموريتانيا، للتحكم فيها. مضيفا، أن منطقة عين صالح كانت تشكل النقطة الأساسية ليتم الإعداد لاحتلال الأهقار ثم الطاسيلي ناجر، بحيث تمكنت من ربط عين الصفراء بالسكة الحديدية بهدف القضاء على المقاومة بعين صالح.
في هذا الإطار، أشار المحاضر إلى أن التقارير الاستخباراتية للعدو، التي كانت مشكلة من أطباء ومهندسين، تفيد بأن هذه المنطقة يوجد فيها موقع استراتيجي هام ولها ثروات طبيعية باطنية وفلاحية وزراعية متنوعة، لذلك بدأ بالتفكير في كيفية ربطها بالسكك الحديدية ليستفيد منها المستثمرون الفرنسيون. كما أنشأ منطقة عسكرية لتكون قاعدة أمامية للمخطط الاستعماري، وقاعدة بالمنيعة كمركز إداري ليقوم بتنفيذ مخططه. وفي سنة 1891 نصب الاحتلال أول حامية عسكرية، وفي ديسمبر من نفس السنة بدأ في التقدم نحو قصر عين صالح، أين وجد مقاومة الشيخ محمد مهدي باجودة.
في هذا السياق، قال المؤرخ إن الشهيد باجودة يعد شخصية نافذة وله احترام وسط سكان المنطقة خاصة عشيرته، بحيث استطاع تجنيد أكثر من ١٣٠٠ مجاهد لمجابهة الحملة الاستعمارية، لكن عدم التكافؤ في العتاد والسلاح جعل المعركة في صالح العدو، وأصيب مهدي باجودة بجروح بليغة توفي على إثرها مما خلف حزنا كبيرا وسط سكان الجنوب.
وأضاف، أن عين صالح هي نقطة الصفر للاستحواذ على الجنوب كله. كما أن المخطط الاستعماري امتد نحو الطاسيلي سنة 1901 وتمنراست بتاريخ 5 ماي 1902، ثم جانت. ولم يتوقف العدو عند هذا الحد، بل نفذ مجزرة في حق سكان إنغر بإبادتهم جميعا، كي تكون درسا لسكان الأهقار والطاسيلي، لكن جثث الشهداء لأكثر من 120 ألف سنة بقيت شاهدة على مقاومة السكان، مؤكدا أن هذه المقاومة تعد من أهم المقاومات في الجنوب وأطولها بدأت بعين صالح وانتهت بجانت.
ودعا زغيدي المؤرخين والمجتمع المدني للاقتداء بجمعية مشعل الشهيد بإحياء هذه الرموز التاريخية بالجنوب، قائلا: «سلطنا الضوء على الشمال وأهملنا أهم المقاومات بالجنوب، التي برهنت على السيادة الوطنية، علينا ربط التاريخ الجزائري ببعضه البعض»، مضيفا أن الفاتح نوفمبر 1954 هو وليد ثورات، بدءا بسيدي فرج وانتهاءً بجانت.
من جهته، استعرض المختص في التاريخ الأستاذ وافي، مقاومة عين صالح نموذجا، قائلا إن تاريخ هذه المنطقة يعود إلى قرون ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وعلاقتها بأعماق إفريقيا. كما أن مؤسسها من أسرة باجودة المعروفة.
وقال أسامة بن تركي، ممثل عن جمعية الشهيد الحاج محمد المهدي باجودة، إننا بحاجة ماسة إلى هذه الندوات التاريخية للتعريف بالمقاومات الشعبية بالجنوب المغيبة. مضيفا، أن عدد المجاهدين الذين جندهم الشهيد باجودة كان حوالي 1300 مجاهد، بحيث وقعت المعركة التي دامت ثلاثة أيام في 27 ديسمبر 1894، استعملت فيها سيوف وبنادق بالية، وقد أسفرت عن استشهاد 90 مجاهدا وحوالي 150 جريح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024