غاص الباحث في التراث السيد محمد بن مدور في جذور «يناير» بكل أبعاده التاريخية والاجتماعية والثقافية وحتى العلمية انطلاقا من صلته الوثيقة بالانسان ذي الانتماءات الأمازيغية، الذي عاش في شمال إفريقيا مع الامتدادات إلى أعماق إفريقيا وفي اتجاه مصر.
قد حاول الباحث بن مدور خلال محاضرته بمقر مؤسسة فنون وثقافة، الكائنة بديدوش مراد الإحاطة بمفهوم»يناير» الذي يعتبره مؤلفا من شطرين الأول «ين» ويعني « الآلهة» و» اير» « القمر» ويعد هذا الموعد بداية عام الأمازيغية التي دخلت سنة 2967 مشيرا في هذا الصدد أن الرزنامة الأمازيغية تسجل أو تبدأ بـ 13 يوما والمسيحية بـ 15 يوما.
والفصول المعروفة عند هؤلاء مثل تافوست وانفذو والخريف والشتوة تمتد على زمن لا يتعدى 13 يوما وهو محدد في هذه الحسابات يختلف اختلافا كليا عماهو معمول به في الوقت الحاضر.
هذه التفاصيل الدقيقة التي أوردها بن مدور لم تلق الإجماع لدى الحضور الذين أبدوا البعض من تحفظاتهم تجاه وقائع معينة حتى يتم تفادي السقوط في مطب الأساطير والخرافات والقصص المتداولة على ألسن الناس والراسخة في أذهان العامة خاصة مايعرف بـ» العجوزة».
وتناول هذه العناصر وإدراجها في التاريخ الأمازيغي تعود بالأساس إلى نقص المراجع العلمية في هذا الشأن والاعتماد على الرواية الشفاهية أكثر من تواصل آخر هذا ما أدى إلى غياب تلك النظرة الموحدة في مرجعية هذا الحدث التاريخي.
وهذا ماجعل العديد من الباحثين يعانون من نقص حاد في المصادر المعروفة للنهل منها في هذا الجانب وبقيت الكثير من الأسئلة بدون إجابة شافية نظرا لحساسيتها في إعطاء مدلولها، هذا الفراغ المسجل والتداخل الملاحظ سمح لبعض المتدخلين إلى اقتراح آليات معرفية جديدة تبحث في هذا الجانب، خاصة من ناحية القراءة الواحدة والموحدة للأحداث بإبعاد عنها كل الشوائب العالقة بها والقصد هنا كتابة المعلومة وفق منهجية علمية تعتمد على التوضيح وكذلك التطرق إلى التسلسل المنطقي والموضوعي للوقائع حتى لاتؤدي إلى ذلك الخلط في الأفكار لأن هذه الأخيرة تعاود الكرة في كل سنة بنفس الروايات التي لاتخرج عن نطاق إضفاء الطابع الأسطوري عليها بدلا من تناول القيم التي انفردت بها في مسار التوارث الأسري.
