في صور شاعرية و مشاهد تُثلج الصدر و تُدخل المسرة إلى القلوب، عاش أطفال جمعية ضحايا الإرهاب والمعوزين بعين بوسيف في المدية، لحظات العمر، حينما استقبلهم قائد القاعدة الجوية للطيران التابعة للجيش الشعبي الوطني في بوفاريك شمال البليدة، ورحب بهم ضباطها وموظفوها أيما ترحاب، جعلت البراءة تنطق فرحا وتنسى الزمن والمكان، وتستسلم للحظات مبهجة، مسحت ذاكرتهم من كل شوائب و متاعب الأيام و ظروف العيش النكد، و راحوا يعبرون لقائد القاعدة الجوية الجنرال محمود لعرابة عن أحلامهم في أنهم يريدون أن يصبحوا طيارين، و هنا كانت بداية الزيارة التاريخية، التي رصدتها “ الشعب “ بعين المكان.
المشهد الأول ... الوصول إلى القاعدة الجوية ...
كانت بداية اليوم، نسمة برد خفيفة و أشعة شمس لا هي بالدافئة و لا الحارة، فُتحت البوابة ودخل الأطفال مثنى مثنى، وأعينهم شاخصة لمجسمات طائرات مقنبلة، نُصبت بالمدخل، كان الجميع يسير في حركات بطيئة، بصمت و يتفرسون بأعين شاخصة لا يرتد لها رمش كل شبر و كل زاوية من المكان الجديد، لم يتركوا شيئا و لا أحدا من الضباط المبتسمين، وهم بزيهم الجميل وهندامهم الأنيق الكاريزماتي، وهم في ذهول و إعجاب أبكمهم وألجم كل حركة فيهم، ولم يترك لهم حتى لا همهمة ولا وشوشة، تقدم في خطوات موزونة وأناقة المسؤول، قائد القاعدة الجوية اللواء لعرابة محمود، و رحب بهم أيما ترحاب، جعلهم يسترخون و يدركون بأنهم موضع ترحاب وضيافة، وأكد لهم بأن القاعدة وضباطها تحت تصرفهم، وأن الزيارة تأتي في إطار تقريب المؤسسات العسكرية من المجتمع المدني، لخلق تواصل أكثر، وأعلن عن بداية الزيارة إلى القاعدة الجوية.
المشهد الثاني ...المفاجأة السارة ...
تلقى الأطفال الأبرياء من بنات وأولاد شروحات وعروضا مصورة عن القاعدة الجوية، ولامسوا الطائرات المقاتلة والمروحيات وأنواع أخرى من الطائرات، و كلما توغلوا إلى قلب القاعدة زادت دهشتهم وفضولهم في الاستزادة من التعرف عليها أكثر، وفي كل فصل من الزيارة كان الأطفال يتمتعون ويدركون فعلا بأنهم بقلب مكان خيالي، ربما حتى في أحلامهم لم يحدث، وفي فصل من الزيارة، أعلن قائد القاعدة الجوية عن مفاجأة لم يكن الجميع ينتظرها، وقال اليوم بإمكان هؤلاء البراعم أن يحلقوا في السماء، وبإمكانهم أن يروا القاعدة من الفضاء، لم يكن الخبر بالمفاجئ فقط بل حلما لم يكن على البال ولا الخاطر، فرحة عمت المكان وتهافت الصغار وأطلقوا العنان لحناجرهم تعبيرا عن الفرحة، وطاروا لدقائق و كان امهر الطيارين يحلون بهم فوق القاعدة الجوية، ثم عادوا وهبطوا و هم غير مصدقين، أنهم فعلا معلقون بين السماء والأرض، وهم الذين لم يكونوا حتى يحلمون بالقتراب من طائرة .
المشهد الأخير ... وداع الصغار والسؤال البريء ...
جمع قائد القاعدة الجوية الضيوف على مائدة غداء، و توزع الأطفال في مجموعات التفوا حول ضباط شاركوهم وجبة الإفطار، والتهم الصغار الطعام وهم منتشون فرحا بعد تعب ساعات من السير والتمتع بالزيارة الحلم، واستغل أعضاء الجمعية الفرصة وقدموا في كلمة معبرة، شكرهم وامتنانهم، لإتاحة هذه الفرصة التي سيحفظونها في ذاكرتهم وسيخلدونها ضمن يومياتهم الذهبية والسعيدة، وأكدوا بأن حلمهم البعيد أصبح حقيقة وأكثر، فالشكر الوافي للجميع، وختم قائدة القاعدة الجوية الزيارة، وسلم الصغار هدايا تذكار من القاعدة، والتقطوا صورة جماعية زادتهم سعادة، وقبل الوداع طرح الصغار سؤالا وقالوا “هل سيأتي يوم ويكونوا طيارين”، و جاءهم الجواب الحكيم، بأن المستحيل غير موجود، و بـ« العلم تتحقق الأحلام والأمنيات، وحتى تصبحوا طيارين وأفضل، ما عليكم إلا التسلح بالمعرفة والعلم والإرادة الطيبة”، وودع الأطفال اللواء وضباطه وعادوا إلى ديارهم وهم يحملون أجمل ذكرى عاشوها في نهاية الأسبوع السعيد.