الإصلاحات الدستورية عززت مكانة الإعلام العمومي
جاء خطاب رئيس الجمهورية للأسرة الإعلامية بمناسبة اليوم الوطني للصحافة في 22 أكتوبر الماضي، واضحا وخاليا من اللبس والتساؤل.
تضمن خطاب الرئيس رسائل غير مشفرة وكأنه شاء من خلالها أن يقول لعموم الممارسين لمهنة الإعلام، «كن وطنيا وقل ما شئت واكتب ما شئت»؛ بمعنى يجعل الالتزام بالقيم والثوابت الوطنية قاعدة للعمل الصحفي، في ظل التكالب السياسي والأمني الذي يتربص بالجزائر دولة وشعبا، وها هو اليوم العالمي لحرية التعبير يحل على الصحافيين والجزائريين في ظرف مشحون بالمزايدات، زادته التكنولوجيا تعقيدا، بل يكاد يصور لنا مشهدا يضيق بالصحافيين والصحافيين الهواة أمام الانفتاح القوي للجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يجعل الجزائر تفخر باليوم العالمي لحرية التعبير خلاف غيرها من الدول التي مازالت ترتب أفكارها في شأن جوانب الحديث عن حرية التعبير.
هذا المكسب الذي جسدت له الإصلاحات الدستورية الأخيرة في الجزائر، بإيعاز وإقرار من رئيس الجمهورية، من خلال تفاصيل قانونية ثرية حول الحريات الفردية والجماعية في النشر والتعبير والتظاهر وغيرها، إذ كلها تصب في خانة التعبير الحر.
أما من حيث حرية التعبير في المشهد الإعلامي الجزائري، فهي واضحة جدا وجاءت في شأنها قوانين وإجراءات تنظيمية للحيلولة دون الوقوع في فخ الاعوجاج والانحراف عن أخلاقيات المهنة، وإن كان التحلي بالوطنية أحد المعايير الأخلاقية الأساسية للعمل الصحفي.
في سياق الحديث عن الإصلاحات الدستورية في الجزائر وأثرها على المشهد الإعلامي الوطني، يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة معسكر بوداعة الحاج مختار، إن «الصحافة الوطنية تبوّأت الريادة في حرية التعبير على المستويين العربي والإفريقي»، مرجعا الفضل في ذلك إلى جملة التشريعات التي أسس لها رئيس الجمهورية في القانون العضوي للإعلام لسنة 2012، ضمن 133 مادة قانونية تهدف إلى تنظيم القطاع، مؤكدا أن أكبر مكسب للصحافة الجزائرية تضمنته ثلاث مسائل في دستور 2016 الذي كرس، زيادة على الحرية العامة، لمبدأ حماية الحقوق الفردية في التعبير ونشر الأفكار، زيادة على التخلي عن العقوبات السالبة لحرية الصحافي بسبب الأخطاء المهنية، موضحا أن الصحافة في الجزائر وصلت إلى سقف عال من حرية التعبير، سواء من الجانب التشريعي أو التنظيمي والمؤسساتي.
هنا يسوقنا الحديث، للتذكير بمحطات تاريخية تدرجت خلالها مكانة الإعلام العمومي على وجه الخصوص بين الريادة والتقهقر إلى الريادة، بذكر «أمّ الجرائد» كمثال على أدائها الإعلامي المتطور والمزدهر بعد مرحلة العشرية السوداء والتعددية الإعلامية التي زادت من حدة المنافسة وجذبت شريحة من القراء إلى الصحف المستقلة التي يبدو أن القارئ لم يجد فيها ضالته، خاصة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي تبرّره المكانة المرموقة التي استرجعتها «الشعب» وتحظى بها بين قرائها ومحبيها على المستويين الوطني والمحلي كواحدة من العناوين العمومية المحافظة على سمعتها الطيبة في المشهد الإعلامي.