استقرار نسب المشاركة في الانتخابات التشريعية

المراهنون على المقاطعة يصطدمون بموقف الشعب السيد

فريال بوشوية

كما كان متوقعا، وكما جرت العادة، تفاوتت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت، أمس، بعدما كانت محتشمة لدى انطلاقها، سجلت بدءا من الساعة الثانية بعد الزوال ارتفاعا محسوسا، لترتفع بصفة واضحة لاحقا، عقب إقبال العنصر النسوي على مكاتب الاقتراع بقوة بعد الظهيرة. وبغض النظر عن النسب، فان الشعب الجزائري مرر رسالة هامة أنه سيد ولا يتأثر بدعاة المقاطعة.
الاقتراع الخامس الخاص بانتخاب الشعب لممثليه بالمجلس الشعبي الوطني، لم يختلف كثيرا عن سابقيه وشهد استقرارا في نسبة المشاركة التي لا تكون عادة بنفس حجم تلك المسجلة في الانتخابات الرئاسية التي تلقى اهتماما أكبر في أوساط الناخبين. وعكس ما توقعه المروجون للمقاطعة والمراهنون على العزوف، فإن المواطنين توافدوا على مكاتب الاقتراع وحرصوا على عدم تفويت فرصة اختيار النواب.
رغم أن نسب المشاركة كانت متفاوتة، إلا أن ما يسجل في اقتراع الرابع ماي، أن الناخبين الجزائريين لم يحيدوا عن القاعدة وتوجهوا إلى مكاتب الاقتراع لأداء حقهم وواجبهم الانتخابي، ومرروا رسالة الشعب الجزائري بأنه سيد نفسه ولا يتأثر بدعوات المقاطعة.
كما أن رسالة الشعب الواضحة، كانت موجهة لكل من تحدث باسمه طيلة العملية الانتخابية وقبلها ولعب ورقة المقاطعة باسم الجزائريين، الذين تعودوا على قول كلمتهم مهما كانت، في كنف الديمقراطية التي أرستها التعددية، ولا يأبه بكل من يحاول التأثير على مواقفه، مفضلا دائما التعبير عن نفسه ولو بورقة بيضاء.
المشاركة الواسعة لأحزاب المعارضة، والتركيز على العمل الجواري، وعيا من الطبقة السياسية أن استرجاع ثقة الناخبين جوهري، لإضفاء المصداقية على عملهم طيلة الفترة التشريعية الثامنة، وبأن بناء جسور قوية من خلال الالتزام بكل وعودهم طيلة الحملة الانتخابية، مهم جدا لكسر الحاجز بينهم وبين الناخبين الذي تسبب في هوة كبيرة بينهما، كانت سببا رئيسا في بروز ظاهرة العزوف، عبر من خلالها الناخبون عن موقفهم على طريقتهم في الطبعة السابقة من التشريعيات، الأمر الذي جعل قيادات التشكيلات السياسية تراجع حساباتها، وتدرج استعادة ثقة الجزائريين في مقدمة اهتماماتها.
مشاركة المرأة في الاقتراع تصنع الفارق
صنعت المشاركة المكثفة للمرأة الجزائرية في تشريعيات 2017 الفارق، حيث ساهمت في رفع نسبة المشاركة بصفة محسوسة؛ أمر متوقع قياسا إلى التزام الجزائريات وأخذهن كل المحطات المكرسة للديمقراطية مأخذ الجد، لاسيما وأن الإصلاحات السياسية مكنتهن من تمثيل معتبر في البرلمان، جعل الجزائر ترتفع إلى مصاف دول قليلة تسجل حضورا قياسيا للمرأة في قبة البرلمان.
لم تحمل مشاركة العنصر النسوي بقوة في الانتخابات التشريعية مفاجأة، كما قد يعتقد البعض، لأن مشاركتها كانت متوقعة، بالنظر إلى عدة مؤشرات هامة، ذلك أن المرأة اليوم ممثلة بقوة في البرلمان بغرفتيه، بفضل المبادرة التي قام بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ممثلة في التعديل الجزئي للدستور الذي أقره في العام 2008، مكرسا توسيع المشاركة السياسية للمرأة في المجالس المنتخبة. ومن هذا المنطلق، ارتفعت نسبة مشاركة المرأة لتزكية المرأة النائب لتمثيلها بالمجلس الشعبي الوطني، مانحة إياها الفرصة في تجسيد التغيير المنشود، من خلال جعلها قوة اقتراح.
وأثبتت المرأة بمشاركتها أنها في مستوى الثقة التي وضعت فيها من جهة، وأنها لن تفوت أي فرصة تتاح أمامها لتعزيز دورها في البرلمان من خلال المشاركة في الحياة السياسية، مكسب دستوري هام وضع حدا لكل العراقيل، وكانت نتيجته في أول طبعة بعد التعديل، أي في العام 2012 جد إيجابية، بعدما تجاوزت نسبتها في تشكيلة البرلمان في الفترة التشريعية السابعة 31٪، نسبة مرشحة للارتفاع في تشريعيات 2017.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19466

العدد 19466

الجمعة 10 ماي 2024