شكلت فئة الطلبة إبان حرب التحرير الوطني الذراع الواقي، ووقود الثورة في مواجهة الدعاية الاستعمارية ومخططاتها الجهنمية لوأد نضال المجاهدين الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استرجاع السيادة الوطنية، بالرغم من أن عددهم لم يتعد 500 طالب إلا أنهم برهنوا على حبهم الكبير للجزائر، طلبة اليوم مطالبون بمواصلة المسيرة ورفع التحدي في ظل الصراعات الإقليمية التي نعيشها في الوقت الراهن.
في هذا الصدد، اعتبر زين العابدين بومليط إطار في الاتحاد العام للطلبة الجزائريين الذكرى 61 لإضراب الطلبة في 19 ماي 1956 بأنه يوم تاريخي نستذكر فيه تضحيات قدماء الطلبة الذين كانوا يمثلون النخبة، ولم يتأخروا عن تلبية نداء جبهة التحرير الوطني بتركهم مقاعد الدراسة مفضلين التضحية بالنفس على الحصول عن شهادة على أشلاء الشهداء.
وأضاف زين العابدين في تصريح ل«الشعب” على هامش المنتدى الذي نظمته الجريدة بمناسبة اليوم الوطني للطالب، أنه لو قارنا عدد الطلبة في الستينات نجده لا يتجاوز 500 طالب والآن فاق العدد المليون، علاوة على عدد المؤسسات الجامعية التي أنشت وتتعدى 100 مؤسسة على مستوى القطر الوطني، قائلا:« هي مكاسب ينعم بها طلبة اليوم، ناهيك عن الإقامات الجامعية والنقل، لا يستطيع جاحد إنكار هذه الأشياء”.
ويرى ممثل الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، أن طلبة اليوم مطالبون بمواكبة تطور البحث العلمي في الدول الأخرى ورفع التحديات وأن يكونوا في المستوى المطلوب، لأننا نعيش في وضع صعب وتهديدات داخلية أو خارجية بتواطؤ مع أيادي أجنبية، مضيفا أن طلبة الأمس كانت مشكلتهم واضحة والعدو واحد ألا وهو مقاومة الاحتلال الفرنسي، وتكوين إطارات لتسيير المؤسسات الوطنية في جزائر الاستقلال.
وأشار بومليط في تقييمه لمستوى الطلبة، إلى الأمس القريب شارك طلبة الدكتوراة بجامعة هواري بومدين بباب الزوار بمداخلات في المؤتمر الوطني، هي نفسها التي تم عرضها في ملتقيات دولية وخارج الوطن، برهنوا فيه عن مستواهم العالي كنظرائهم في الجامعات الأجنبية، لكنه استطرد قائلا إن مستوى طلبة الليسانس والماستر بنظام “أل.أم.دي” أمر آخر، بحيث تم طرح هذا المشكل سابقا على وزير التعليم العالي حول الكم والنوعية، هذا الأخير مهم جدا.
وأضاف بومليط أن النوعية في التدريس بالجامعة الجزائرية، مر بعدة مراحل أولها النظام القديم الذي كان فيه طلبة السبعينات يتحصلون على مقياس المواد للانتقال، بعدها جاءت مرحلة النقطة الإقصائية وهي حصول الطالب على معدل 10 رغم أنه لم يتحصل على جميع المواد حيث انخفض المستوى، ليأتي نظام “أل.أم.دي”، مشيرا إلى أن الخلل الموجود في الأنظمة التي سايرت الجامعة الجزائرية أثرت سلبا على مستوى الطالب الجزائري.
و قال أيضا إنه بالرغم من ذلك، فهذا لم يمنع من الحديث عن طلبة نجباء في التخصصات الوطنية مثل الإعلام الآلي، الرياضيات، الفيزياء، علوم المادة وشعب أخرى برهنوا وما يزالون على مدى جدارتهم ومستواهم مع نظرائهم من طلبة الجامعات الأوروبية سواء بستوكهولم أو الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يوجد فرق في هذه العلوم الثابتة، الفارق يصنع في المستويات الأخرى.
تاكوك: علينا مواصلة المسيرة ورفع مشعل البحث العلمي
من جهته، قال يوسف تاكوك عضو الاتحاد العام للطلبة الجزائريين وطالب بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، إنه إذا كان طلبة الأمس حاربوا بالسلاح والتفوا حول الثورة لمكافحة الإدارة الاستعمارية، والتأكيد على شرعية ووطنية القضية الجزائرية وأنها ليست ثورة قطاع طرق كما كان يدعي العدو، فإن طلبة اليوم عليهم رفع المشعل والنضال بالقلم والبحث العلمي لتحقيق التقدم التكنولوجي، والارتقاء بالجامعة الجزائرية لمصاف الدول العالمية.
ولم يفوت تاكوك الفرصة للتنويه بمبادرة، جريدة الشعب في تنظيم مثل هذه الندوات التاريخية حفاظا على الذاكرة الوطنية، وأرشفتها على صفحات الجريدة ليستفيد منها الطلبة والباحثون على حد سواء.
على الطلبة استغلال التكنولوجيا الحديثة في خدمة التاريخ الجزائري
دعا أستاذ بجامعة هواري بومدين وإطار في الاتحاد العام للطلبة الجزائريين زين العابدين بومليط الطلبة إلى استغلال الوسائل التكنولوجيا الحديثة في خدمة التاريخ الجزائري والحفاظ على الرسالة التي تركها أجدادهم الذين ضربوا مثالا لكل دول العالم مفادها أن الشعب الجزائري متمسك بالسيادة الوطنية ولن يتخلى عنها مهما كانت الظروف.
أكد الأستاذ على هامش الندوة التي نظمت بمنتدى جريدة “الشعب” أن الشباب الجزائريين وقعوا ضحية إدمان على التكنولوجيا الحديثة ولا يستطيعون التخلي عنها إلا أنهم لا يستغلونها لأغراض توعوية تحسيسية، موضحا أنه من المفروض أن يقوم الطلبة باستغلال هذه الوسائل الحديثة لخدمة التاريخ من خلال مشاهدة أفلام تاريخية عبر الأنترنت أو دور السينما، موضحا أن الطريقة التقليدية في إلقاء الدروس للتلاميذ لم تأت بنتيجة إيجابية والدليل على ذلك أن الكثير منهم يجهلون تاريخ الجزائر.
وفي ذات السياق أشار ذات المتحدث إلى أن أحسن طريقة لتعليم الشباب تاريخهم هو سرده بأسلوب قصصي غير معقد، بالإضافة إلى متابعة الأفلام التاريخية التي تعرض في دور العرض والسينما والتي من خلالها يستفيد الطلبة من معلومات حول تاريخ الجزائر وفي نفس الوقت يستمتعون بأوقاتهم رفقة الأصدقاء والأقارب.
وشدد على أهمية تحلي الطلبة بالوعي اللازم نظرا للتحديات التي تعيشها الجزائر في الوقت الراهن، المجاهدون يتطلعون لرؤية جيل الحاضر حاملا للمشعل وتستمر سلسلة نضالات الطلبة في سبيل العلم وتطوير البلد بعيدا عن تأثير العالم الافتراضي الذي ضيع شباب الحاضر وأثر سلبا على حياتهم اليومية، حيث أصبحوا يفضلون العزلة ويتفادون الحوار.
وأشار إلى أن نضال طلبة الأمس يختلف عن الجيل الحاضر بالرغم من أن عدد الطلبة كان لا يتعدى 500 طالب أما الآن فوصل إلى مليون ونصف في جميع الجامعات الجزائرية، مضيفا أنه من الواجب أن نكون ممتنين للمجاهدين الطلبة الذين قدموا تضحيات بالنفس من أجل تحرير الوطن من الاستعمار الفرنسي الغاشم وبفضل نضالهم وكفاحهم ينعم جيل الحاضر بالاستقرار والأمن.
صونيا طبة