أكد المتدخلون أمس في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد، تخليدا لشهداء الحرب العربية الإسرائيلية في جوان 1967 وتكريما للجيش الوطني الشعبي، أن مشاركة القوات العسكرية الجزائرية في هذه الحرب، إلى جانب أشقائنا المصريين متميزة من حيث الكم والكيف والتضحيات التي قدمها الجزائريون في مواجهة العدو الصهيوني، وقد أسفرت المعارك عن استشهاد56 جنديا جزائريا.
أبرز العقيد عبد القادر بوروينة ممثل عن وزارة الدفاع الوطني، البلاء الحسن الذي أبلاه الضباط الجزائريون خلال الحرب العربية الإسرائيلية في 1967 وحرب أكتوبر 1973، بوقوفهم إلى جانب إخوانهم المصريين ومساعدتهم في رد العدو الصهيوني الذي تلقى ضربة قاسية، قائلا إن مشاركة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني في حرب الستة أيام يعد زيادة جديدة لفترة تاريخية أنجز خلالها جيشنا بطولات، وهي افتخار واعتزاز للجزائر التي أكدت مساعدتها اللامشروطة واللامحدودة للمصريين.
وأضاف العقيد بوروينة أن، المشاركة الجزائرية كانت متميزة من حيث الكم والكيف والتضحيات أعادت الثقة للجيش المصري والفرصة لإعادة تشكيل نفسه، بعدما فقد كل معداته، كما أظهر فيها أفراد الألوية شجاعة وإقداما، بمشاركة 14 ألف ضابط وضباط صف وبقرار من الرئيس الراحل هواري بومدين، بحيث أثبتوا أن الجزائر وفية لقيم الحرية إلى جانب الأشقاء ودائما في الصفوف الأولى.
وفي هذا الصدد، أوضح العقيد بوروينة أن حرب 6 أيام كانت أهم مرحلة في الكيان الصهيوني الذي أعاد تشكيل الخريطة الجغرافية لإسرائيل وضاعف من احتلال الأراضي، وبالمقابل يمثل أسوأ الأيام في التاريخ المصري الذي كانت قواته المسلحة منهارة ومعنويات شعبها أيضا، مشيرا إلى أن نكسة 1967 كانت صدمة ليس فقط للدول العربية بل للشعب الجزائري الذي كان سباقا لإعلان تضامنه ومطالبة السلطة بفتح مكاتب للمشاركة في الحرب، لأنهم يدركون أن جوهر الصراع هي فلسطين.
وأضاف ممثل وزارة الدفاع، أنه تم تحضير التشكيلات العسكرية الجزائرية وأولها اللواء الرابع مشاة محمولة تحت قيادة الفقيد المجاهد عبد الرزاق بوحارة، وبمساعدة الرائد زرقيني ونصيحة الراحل بومدين «النصر أو الاستشهاد» تتردد على أذان الضباط، وتحفزهم، رغم الدعاية الصهيونية التي أنشأت إذاعة بلهجة مغربية تبث الشك في نفوس الجنود الجزائريين وتدعوهم للتخلي عن القتال، بحجة أن بومدين أرسلهم للقضاء عليهم بمصر، مشيرا إلى أن قواتنا وصلت إلى مصر في وقت سادت الفوضى وانسحاب القوات المصرية، مما أدى لتعرضهم لوابل من الصواريخ وقنابل النابلم: قائلا:» نحن لا نحكم على القرارات المصرية، لكن قرار الانسحاب كان خاطئا وغير منظم، عرض قواتها للطيران الإسرائيلي».
وتابع أن مهمة اللواء الرابع تمثلت في احتلال الخط الدفاعي، لمنع العدو من التقدم وأسندت له مهمة حماية قناة السويس، بحيث نفذت الوحدات الجزائرية مجموعة من العمليات بنجاح كبير، أبانت عن شجاعتهم بالرغم من أن جيش التحرير، لم يمض عليه وقت طويل من خروجه من صراع منهك مع الاستعمار الفرنسي، بحيث أن أفراد اللواء الرابع من المجاهدين كانوا يتمتعون بخبرة في أسلوب حرب العصابات تعتمد على الكمائن والغارات والخفة، لكنهم لم يملكوا أية معلومات عن العدو من حيث أسلوب القتال، التعداد، التسليح، وأرض القتال، هذا الأخير يعد عنصرا ضروريا.
المجاهد بلاوي: بفضل روح التضحية والخبرة في حفر الخنادق نجحنا في هزم العدو
من جهته، قدم العقيد المتقاعد والمجاهد محمود بلاوي شهادته عن ما جرى في حرب 1967 كونه شارك فيها وكتب كتابا عنها، قائلا إنه كان ضمن الكتيبة 121 للمدفعية بالجلفة، بحيث ذهب إلى بريكة للمشاركة في مناورة في 15 ماي 1967، وفي 5 جوان من نفس السنة توقف عن متابعة المناورة بسبب النكسة وأمر بالعودة إلى الثكنة العسكرية بالجلفة، ليجتمع بزرالدة رفقة زملائه مع الرئيس الراحل بومدين، وحسبه فقد أرسل العتاد الحربي عبر البحر باتجاه الإسكندرية، فيما توجه الضباط في ثلاث سرايا بأسلحتهم الخفيفة إلى مصر.
وأضاف المجاهد بلاوي، أنهم استقبلوا من طرف الضباط المصريين بالكلية الحربية، وفي 30 جوان اتجهوا نحو قناة السويس بالضفة الشرقية أين تتواجد القوات الإسرائيلية، بحيث اغتنموا فرصة وجود العدو بالعراء لضربه، بعدما اتخذوا الاستعدادات الكاملة وبروح التضحية والخبرة في حفر الخنادق والتمويه نجحوا.
وأشار العقيد إلى أنه شارك في أربع معارك بقناة السويس للرد على العدوان، بحيث بقيت المدفعية الجزائرية 7 أشهر بالسويس ليتجه فيما بعد إلى منطقة «فائد»، رفقة اللواء الثامن تحت قيادة عبد المالك قنايزية الذي التحق هو الآخر لتقديم المساعدة للأشقاء في حربي 1967 وأكتوبر 1973.
وتجدر الإشارة إلى أنه، تم تكريم كل من العقيد بلاوي وعلي بوغزالة والعقيد عبد القادر بوروينة ممثل عن وزارة الدفاع الوطني من طرف جمعية مشعل الشهيد.