أكد المتدخلون، أول أمس، خلال لقاء دراسي حول «المنازعات العقارية» أن الاعتماد على الخبرة بات أكثر من ضرورة لتسوية الوضعية القانونية لأي عقار خاصة ما تعلق بالملكية باعتبارها أساس أي نزاع قانوني في غالب الأحيان، وفي ظل الحراك الذي يعرفه هذا الأخير بالنظر لأهميته الاقتصادية والاجتماعية والحراك الذي عرفه في السنوات الأخيرة خاصة في ظل المشاريع التنموية والاستثمارية العمومية منها والخاصة.
في هذا الإطار تحصي هيئة المهندسين الخبراء العقاريين حسب ما صرح به رئيس المجلس الوطني بعزيز ابراهيم لـ «الشعب» 652 خبير عقاري 600 منهم ينشطون في الميدان بصفة دائمة، فيما تحصي الجزائر العاصمة لوحدها 200 خبير عقاري، ينشطون كلهم في إطار ثلاثة مجالس موزعة حسب الاختصاص الإقليمي المحدد في القانون وسط، شرق وغرب.
يبقى هذا قليلا بالنظر للاحتياجات الوطنية في هذا المجال سواء بالنسبة للخواص أو بالنسبة للمؤسسات الاستثمارية الكبرى، فهذه الكفاءات التي يخرجها معهد التقنيات الفضائية بأرزيو30 خبيرا عقاريا سنويا هو رقم صغير ويبقى غير كاف بالنظر للطلب الوطني حسب رئيس المجلس الجهوي للعاصمة بوزيد بن رزق الله، خاصة وأنه لا يترجم الحاجة الماسة للخبير في أي نزاع يتعلق بالعقار سواء للقسمة أو ترسيم الحدود، أو القياس ...وغيرها من الأمور.
أوضح بن رزق الله خلال اللقاء المنظم بالمعهد العالي للتسيير وللتخطيط بالليدو ببرج الكيفان، أن العقار يبقى المحرك والديناميكية الناتجة عن التحولات المدنية والعمرانية ما جعل منها مادة مكلفة جدا في السوق وكنزا ثمينا ورهانا ومصدر ضغوطات ناتجة عن عدة ممارسات قانونية .
وبغية تسليط الضوء أكثر على دور الخبير ورسكلة ثقافته القانونية في إطار التشريع الجزائري لاسيما في المنازعات العقارية، حيث تطرق أ. جمال بوشنافة إلى الأصناف القانونية للأملاك العقارية التي تتنوع بين أملاك وطنية تمتلكها الدولة وجماعاتها المحلية الولاية والبلدية وهي عقارية ومنقولة، إلى جانب الأملاك الخاصة والوقفية، مشيرا إلى حق لصيق بهذه الأملاك والمتمثل في حق الملكية والذي يعني حق التصرف والتمتع في الأشياء شرط أن لا يتعارض ذلك مع القوانين والأنظمة .
في المقابل تطرق أ. أحمد جبوري إلى المنازعات الإدارية التي تعد أهم مواضيع القانون العقاري وميدان تدخل الخبراء العقاريين، حيث أوضح أنه رغم اختصاصهم التقني إلا أنهم بحاجة ماسة الى بعض المبادئ القانونية التي لها علاقة باختصاصهم لاسيما ما تعلق بالجانب الإجرائي والموضوعي.
وركز أ. جبوري على إجراءات الخبرة العقارية بداية بالإشارة إلى دور الخبير وصلاحياته والذي يعين من طرف القاضي إذا تعلق الأمر بالمحكمة، أو المجلس القضائي كلما كان بحاجة إلى رأي تقني، ما يعني إمكانية تعيينه لمرافقة القاضي في الانتقال للمعاينة، أو في مجال البيوع العقارية قصد تقييم العقار المراد بيعه في المزاد العلني.
كما ركز أ. جبوري على بعض المنازعات لاسيما تلك المتعلقة بالقسمة القضائية لما تتضمنه من إشكالات قانونية وتقنية وباعتبارها الأكثر عرضا على القضاء خاصة لدى عدم اتفاق الأطراف على القسمة لاسيما في حالة استحالة تقسيم العقار إلى حصص صغيرة، فما على الخبير إلا تقييم العقار وتحرير تقرير بذلك وإرجاع الملف للمحكمة التي تأمر ببيعه في المزاد العلني وقسمة الناتج على الأطراف كل وفقا لنصيبه.
من جهة أخرى أشار أن للمنازعات مضارا على الجوار أو ما يعرف بترسيم الحدود ومخالفة البناء والتعمير لاسيما ما تعلق منها بالمطلات، يلزم الخبير أن يكون على اطلاع دائم بالقواعد العامة لكل منازعة ويعمل على تكوين نفسه في مجال القانون العقاري لاسيما في مجال المنازعات العقارية حتى يكون تدخله صائبا ويمنح رأيا تقنيا صائبا.