الأمين العام للنّقابـة الوطنيـة للأئمّـة الجزائريّـين

نطالــب بتجريم كــل فعــل يمــــس بسلامـة الإمــام

 مــــا يحــــدث للأئمّــــة ليـــــس فعــــلا معــــزولا

طرحنا أرضية بـ 47 مطلبا لم يلب منها سوى نسبة 1٪

جدّد الأمين العام للنّقابة الوطنية للأئمّة الجزائريّين السيد جلول حجيمي دعوته إلى السّلطات العمومية لتعزيز الحماية لهذه الفئة في أماكن عملها عقب تزايد الاعتداءات تجاهها من قبل أشخاص غير منسجمين مع التوجه المتبع في إدارة شؤون المسجد. وفي هذا السّياق، طالب بإدخال تغييرات جذرية على النّصوص القانونية الحاملة للطّابع العقابي، وهذا بإضفاء صفة “التّجريم” على كل من تسوّل له نفسه المساس بشخص الإمام حتى لا يكون عرضة لكل هذه الحملة الشّرسة التي تطاله في موقع نشاطه دون أن يجد من يوفّر له التّغطية المبحوث عنها إلى غاية يومنا هذا.

في هذا الحديث حاولنا أن نثير قضايا مختلفة مع الشيخ حجيمي، أي الاطلاع على الإجراءات المتخذة حتى الآن والتي لم يتحمس لها كونها ما تزال تراوح مكانها، وتدور في حلقة مفرغة آملا أن تتحرّك الجهات المسؤولة من أجل التكفل بهذا الملف تكفّلا وفق وزنه.
ويتساءل الكثير من الملاحظين عن الأسباب التي أدّت إلى هذا الصّراع غير المرئي قد يبدو للبعض عاديا لكن الأمر غير ذلك، لأنّ استعمال العنف يعد سقفا يتطلّب البحث في أغواره قصد الوصول إلى شرح الظّاهرة سواء أكانت مرجعيتها فكرية أم مادية، وهذا هو جوهر النّقاش في هذه القضية.
وقد بعث الشّيخ حجيمي بهذه الرّسائل بشكل يفهم على أنّ هناك من يناقض الخط المتبع في مساجد الجزائر بمحاولة إحلال منظومة أخرى محل ما هو قائم حاليا، وهذا ما أدّى إلى ظهور تلك “القبضة” أحيانا واصطدام في الأفكار والرأي.
ويعتبر الشّيخ حجيمي أن الإمام يقف في الخط الأمامي للدفاع عن القيم السّمحاء للدين، والتّراث الحضاري في الجزائر، ولهذا فهو أولى بأن يكون في أولويات سلّم الجهات المسؤولة من أجل تراجع وضعيته على أكثر من صعيد.
خطوة في الطّريق الصّحيح
وصف الشّيخ حجيمي ما أقرّته وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية من تدابير بالخطوة في الطّريق الصّحيح في انتظار استكمال تجسيد المطالب الأخرى الموجّهة لوزير العدل حافظ الأختام، والمتعلّقة بإدخال تعديلات على قانون العقوبات لحماية الإمام ومن معه بالتجريم الذي يصل إلى الجناية ضد كل من يتجرّأ على استعمال العنف ضد الإمام.
هذه المطالب المقدّرة بـ ٤٧ مطلب لم يلب منه أي شيء، واستنادا إلى الشيخ حجيمي فإنّ نسبة ٦٠ ٪ ما تزال عالقة لا يولى لها أي اهتمام خاصة تلك المودعة لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، هذا ما أدّى إلى تغييب الحوار بين الطّرفين وابتعاد المسافة بين الشّريكين إلى درجة انقطاع التّواصل، وحتى الآن لم يفهم الشّيخ حجيمي كل هذا الجفاء الصّادر ضدّه بالرّغم من إحرازه على دعم هذه الفئة في الدفاع عن مصالحها المعنوية والمادية.
وعلى غرار ما ذكره بوجود خمسين حالة اعتداء، كشف الشّيخ حجيمي أنّ هناك حالات أخرى غير مصرّح بها لأسباب شتّى، وما لاحظناه أن هذا الفعل ممنهج ومنظم، بدليل أنّه مسّ الأئمّة أصحاب المرجعية، وهذا استنادا إلى معطيات واقعية وأدلّة ثابتة كل ذلك من أجل ممارسة المزيد من الضّغط على الإمام للاستسلام لهذا الواقع، وترك الفراغ ليسدّه هؤلاء كي يتم التخلي عن كل تلك القيم الوطنية التي يتحلّى بها الإمام التي لها صلة مباشرة وعلاقة وطيدة مع مؤسّسات الدولة.
ولابد من القول هنا بأنّ الأئمّة وقفوا مع مؤسّسات البلاد، وساهموا في ترقية الحس المدني عند أفراد الشّعب من أجل الإقبال على مواعيد إنتخابية، وكذلك الالتزام بالمشاركة في محطّات وطنية كل هذا من أجل الحفاظ على وحدة الجزائريّين.
علينا بنصرة الإمام
ويؤكّد الشّيخ حجيمي أنّ ما يحدث للأئمّة ليس فعلا معزولا كما يعتقده البعض، بل أنّ الوقائع تفنّد ذلك تفنيدا قاطعا، وتؤكّد أنّ ما يرتكب تجاوز المعقول، وهذا عندما يصل الأمر إلى المساس بحرمة الإمام وأملاكه، وهناك عيّنات حيّة ممّا وقع لهؤلاء من تعديات لا تصنّف أبدا في خانة “الفعل المعزول “ بقدر ما هي “فعل عمدي” ينم عن نوايا خطيرة قد تؤدّي إلى ما لا يحمد عقباه، إن استمر الحال على هذا المنوال، وتمادى هؤلاء في مضايقة الأئمّة خلال أداء المهام المنوطة بهم، مشدّدا في هذا الصدد على أنّها مسؤولية الجميع في نصرة هذا الرجل والوقوف معه، والتّضامن مع كل مساعديه، والرّسالة هنا موجّهة إلى مؤسّسات الدولة.
وفي هذا الإطار، فإنّ الحضور الفكري قد يتحوّل في لحظة من اللّحظات إلى تجسيد واقعي خاصة ذلك الحامل لتوجّهات جذرية قد تلحق الضّرر بالآخر، وأولى المظاهر هو التعدي على المراجع لفظيا أو جسديا.
ولا يمكن أن تستمر هذه التّجاوزات  إن لم يهتد هؤلاء إلى فضائل الحوار، المبنى على سمات القبول بالرأي الآخر، وفق تلك الحجج الدافعة، والبراهين الفقهية والثّوابت الشّرعية قصد الوصول إلى المستوى المأمول الذي تهدأ فيه كل هذه التوترات الفكرية الهائجة التي لا تخدم أبدا ما يصبو إلىه جميعنا، ونتحاشى الوقوع فيما يسمّى بالقهر والظّلم.
ّهؤلاء الأئمّة يؤدّون عملهم في إطار القانون معيّنون من قبل جهات رسمية، لا يحق لأحد أن يتطاول عليهم أثناء الخدمة أو يسعى للتّأثير عليهم بشتى الوسائل المتاحة لديهم منها للأسف العنف، وفي مقابل ذلك  هناك وصاية كل من يلاحظ أي شيء فما عليه إلاّ إخطار تلك الجهة، أمّا أن يتوصّل الأمر إلى المساس بسلامتهم فهذا لن يقبل منهم لأنّ شئنا أم أبينا فإنّ هؤلاء يعتبرون رموز المجتمع لهم كلمتهم في المحافل الوطنية والأحداث الكبرى.
فصل لجنة المسجد عن مهام الإمام
وشدّد الشّيخ حجيمي على فصل ما يسمى بالجمعية الدينية أو اللجنة الدينية عن مهام الإمام حتى لا يستحوذ البعض على سلطة أوسع بداخل المسجد ليفرض منطقه على المسؤول الأول، وهذا بوضع حدود فاصلة وقواعد واضحة لا تسمح للأعضاء بأن يتدخّلوا في عمل الإمام بإبعاد كل الاحتكاكات التي قد تصل إلى حد النّزاع، وهناك حالات كثيرة في مساجدنا التيار لا يمر بين الإمام والبعض من الأعضاء وصلت إلى المناوشات.
كما أنّه لا يحق لأي كان التّضحية بالإمام من أجل ترضية أطراف معيّنة هذه الحزازات تتطلّب أن تسوى في جو حضاري، بعيدا عن المصالح الضيقة، وأي فقدان للانسجام في المسجد فإنّ الأمر يعود إلى الإدارة المعنية، لذلك لا يجب أن نقع تحت طائلة “ما يطلبه المستمعون”، وضروري هنا أن تفرض الوصاية نفسها في الدفاع عنه ولا تتركه يقاوم وحده هذه الأمواج العاتية.
وأكّد الشّيخ حجيمي أنّ نقابته طرحت أرضية بـ ٤٧ ٪ مطلبا، يوجد من ضمنها تعديل القانون الأساسي “الظّالم والمستبد” لا يرقى إلى مستوى تطلّعات هذه الفئة التي تأمل في تغييره، وإلى غاية يومنا هذا فإنّه لم يتم تلبية سوى ١ ٪ ممّا قدّم للوصاية، وهذا ما جعل كذلك الاتصالات تتوقّف وندخل هذه المرحلة، وحاليا نسعى للمساهمة بالصّمت بالرّغم من أنّ الوزارة اعتبرت تلك المطالب بالمقبولة غير أنّها ما تزال حبرا على ورق، وليس هناك مؤشّرات توحي بفتح هذا الملف ثانية، والسّعي لتسوية قضايا معيّنة.
وأبدى الشّيخ حجيمي قلقه المتزايد جراء غياب الحوار والتّشاور مع الوصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حيث رفض الخوض في هذا الموضوع ممّا يوحي أنّ العلاقة بين الطّرفين سيّئة في الوقت الرّاهن، غير أنّه يلمح لنا في كل مرة القدرة على تجنيد وتعبئة هذه الفئة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025