صمودها مستمد من مبادئ نوفمبر الخالدة

الدبلوماسية الجزائرية هزمت الاستعمار و الإرهاب معا

أمين بلعمري

بفضل دبلوماسيتها الفعالة أصبح للجزائر صوتها المسموع في الجيوبولتيكا الدولية،  بهذه العبارة لخص المجاهد والدبلوماسي الأسبق خلادي محمد المشوار الدبلوماسي الجزائري منذ الاستقلال وذلك خلال دردشة جمعته بالطاقم الصحفي لجريدة «الشعب» في فضاء «ضيف الشعب» - الفضاء الذي يعتبر بمثابة منتدى مصغر تخصصه الجريدة لمناقشة مختلف المواضيع والقضايا باستضافة فاعلين، مختصين ومعنيين، السيد خلادي الذي شغل منصب سفير في العديد من العواصم العالمية يذكر في حديثه أنه كان إلى جانب كل من الرئيس الراحل أحمد بن بلة والمرحوم شندرلي عند رفع العلم الجزائري على مبنى الأمم المتحدة يوم 08 أكتوبر 1962 أي قبل 55 عاما من اليوم
 يعد الرجل واحدا من العارفين بخبايا الدبلوماسية الجزائرية والدولية كونه عايش الكثير من التحديات والأحداث التاريخية التي عاشتها الجزائر قبل وبعد الاستقلال وهنا يتوقف أحد الأعضاء الفاعلين والمشكلين للنواة الصلبة لـ «المالغ» محمد خلادي المعروف ثوريا بـ «خالد» عند أهم المحطات التي مرت بها دبلوماسيتنا بداية بمؤتمر باندونغ الذي يعتبر أول امتحان لها حيث كان على وفد جبهة التحرير آنذاك النجاح في الحصول على اعتراف هذا المؤتمر بجبهة التحرير الوطني كحركة تحرير وطني ممثلة للشعب الجزائري و هذا بعد عام واحد على انطلاق الكفاح المسلح،  كما عاد بنا «ضيف الشعب» إلى سنة 1958 حين قطع بمعية الدبلوماسيين والمجاهدين المرحومين امحمد يزيد ومحمد الصالح بن يحي مسافة تفوق 3 الاف كيلومتر من أجل المشاركة في أول اجتماع للدول الإفريقية حديثة الاستقلال ومن ضمنها الجارتان المغرب وتونس ويذكر السفير خلادي كيف أنهم لما وصلوا إلى القاعة التي تحتضن الاجتماع في العاصمة آكرا اكتشفوا أن العلم الجزائري لم يكن ضمن الرايات المرفوعة للدول المشاركة ولكن من حسن الحظ – أضاف قائلا- أنه كان يحمل الراية الوطنية في حقيبته وأنه استطاع إقناع المنظمين برفع العلم الجزائري وبالفعل رفعت الراية الوطنية التي قال إنه تبين بعد رفعها أنها أكبر من الأعلام الأخرى بمرتين.
السفير الأسبق خلادي و لدى سؤاله عن سر صمود الدبلوماسية الجزائرية أمام مختلف الهزات والعواصف وتمسكها بمواقفها رغم الضغوط  يكمن في أنها تستمد مبادئها من ثورة نوفمبر المجيدة وهذا التفسير الوحيد لهذا الصمود مؤكدا أن الجزائر لن تحيد عن تلك المبادئ قيد أنملة، مؤكدا أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أكبر المتشبثين بتلك المبادئ التي جعلتها محل احترام الآخرين، مضيفا أن الجزائر كانت ولا تزال مسموعة الصوت في المجتمع الدولي وأصبح يطلب منها المساهمة في حل الأزمات الإقليمية والدولية وأكد أن الدول الكبرى أصبحت تعود إليها وتطلب رأيها في الكثير من القضايا الدولية وأن وجهة نظرها تؤخذ على محمل الجد وذكّر في الصدد أن الدول الغربية التي صمت أذانها عن تحذيرات الجزائر بالأمس حول بعض المسائل وخاصة في الساحل الإفريقي وفي المنطقة العربية تأكدت اليوم من صواب وجهة نظر الجزائر وجدية تحذيراتها، كما عاد المجاهد والدبلوماسي خلادي محمد في السياق نفسه إلى سلسلة الوساطات التي قادتها الجزائر وكللت كلها بالنجاح وهذا ما جعلها – حسبه –  تستحق لقب دبلوماسية الوساطة بامتياز.
عن التهديدات والتحديات المستقبلية التي تواجه بلادنا، هذا الدبلوماسي المحنك إلى ما واجهته الجزائر وفي الصدد ذكّر العضو البارز «المالغ» سابقا والضالع في شؤون المخابرات ودهاليزها مؤكدا أن الإرهاب الذي ضرب الجزائر كان الهدف من ورائه تفتيت البلاد إلى إمارات إرهابية بتواطؤ من بعض الحكومات والدول ليسهل نهبها واستنزاف خيراتها، مؤكدا أن الجزائر كانت أول دولة عربية تتعرض لمخطط التقسيم الحاصل اليوم في المنطقة العربية إلا أن المؤامرة فشلت وخرجت الجزائر بسلام وهنا أشاد المجاهد والسفير الأسبق محمد خلادي بالدور الذي لعبته الدبلوماسية الجزائرية خلال تلك الهجمة الإرهابية، مؤكدا أنها استطاعت أن توضّح للعالم ما كان يحدث في بلادنا وفضحت الروايات المغرضة والكاذبة التي كانت تروج لها الجماعات الإرهابية والأطراف التي تدعمها وتقف وراءها وهي أسطوانة الحرب الأهلية في وصف العشرية السوداء في الجزائر، بينما كان ذلك التوصيف أبعد ما يكون عن الواقع فبلادنا – أضاف ضيفنا-  بقي جيشها الوطني متماسكا وصلبا والمدارس لم تغلق أبوابها ودبلوماسيتها بقيت تشتغل بكل نجاعة وهنا أكد أن الكل كان يعلم أن ما كان يحصل في الجزائر هجمة إرهابية إجرامية وأن الظاهرة عابرة للحدود، إلا أن الكثيرين أداروا الظهر واعتقدوا أن الفرصة قد حانت لتصفية أحقادهم الدفينة وراهنوا على انهيار الدولة الجزائرية بل أكثر من ذلك دعموا الجماعات الإرهابية لإنجاز المهمة.
المجاهد و الدبلوماسي المحنك محمد خلادي حذّر في ختام اللقاء الذي جمعه بصحفيي «الشعب» من الاعتقاد أن الحرب على بلادنا توقفت وهنا أكد أن الجزائر ليست في منأى عما يحدث في الدول العربية وأن الهجمات لم ولن تتوقف ولكنه طمأن من أنها قادرة على صد تلك الهجمات ومواجهتها وأنها ستجد أبناءها إلى جانبها في أحلك الظروف كما كانوا بالأمس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025