”موح كليشي” حارس ذاكرة الولاية السابعة

توثيــق دقيــق لكــل مــا يكتــب عــن الثــورة فــي المهجــر

جمال أوكيلي

مـا دوّن مـن مراجـع حتـى الآن لا يتعـدى 3 كتـب

مايزال المجاهد محدم غفير المدعو” موح كليشي” حاملا لملف نضال الجالية الجزائرية في فرنسا أي ما يسميها علي هارون “ الولاية السابعة” نسبة إلى نظيراتها التاريخية ٦ بأرض الوطن عقب تقسيم أرضية مؤتمر الصومام انطلاقا من مساهمته المباشرة إلى جانب إخوانه الآخرين في ضرب مصالح الاستعمار في عقر داره وإلحاق به أضرار لاتعد ولاتحصى في العدة والعتاد إلى درجة إصابته بهستيريا قتل أي جزائري تصادفه قوات القمع في أزقة باريس.
هذا الرجل لا ينتابه الملل أوالكلل كل موعد ١٧ أكتوبر يحل علينا إلا وتراه ينتقل من جهة إلى أخرى رفقة وثائق الأرشيف ليست إلا ذاكرة الكفاح المرير للجزائريين في فرنسا والتضحيات الجسام التي قدموها من أجل الاستقلال الوطني، ووقوفهم كرجل واحد لتحقيق الهدف الأسمى الذي حدده بيان أول نوفمبر والمواثيق الأساسية الأخرى في تحرير البلد من أصفاد وأغلال الاحتلال.
وهذه الإرادة الفولاذية الراسخة في وجدان هذا الرجل مصدرها الإيمان العميق بما أنجزه أناس أشاوس قرروا أن أن يقفوا بالمرصاد لآلة الموت الاستعمارية مهما كان حجم التضحيات، والأمرلا يتعلق بكلام منمق أبدا بل أن المجاهد غفير يتحدث بالوقائع الموثقة تختصر فترة مشرقة من تاريخ كفاح الجزائريين في المهجر.
وعلى غرار الكتاب الجديد الذي دوّنه وأثراه بمعطيات أخرى على خلاف الطبعات السابقة، والمعزز بوثائق نادرة كتابة وصورة، فإن المعني أراد أن يستغل كل الأوراق التي استطاع الوصول إليها، أو التي تحصل عليها، من مصادر متعددة تثبت أن لها علاقة مباشرة، وصلة وطيدة بالأحداث.. يعتبرها هامة تضف في خانة تثمين نضال هؤلاء في فرنسا.
وفي هذا الصدد وثق المجاهد غفير تفاصيل مسار إعادة رفات الشهيدة فاطمة بدّار إلى الجزائر وهي طفلة صغيرة من بجاية عثر عليها في نهر السين مبرزا المراسلات التي تمت بينه وبين المصالح البلدية في مسقط رأس عائلتها في الجزائر بالرغم من صعوبة المهمة إلا أن قناعته كانت أقوى من رد الإدارة التي وافقت على دفنها في مربع الشهداء، لكن دون صفة الشهيدة.
أوردنا هذه العينة لنبين المجهود الخارق الذي يبذله غفير خدمة للتاريخ الجزائري وتسليط الضوء على هذه المرحلة من الكفاح الذي قاده رجال أفذاذ دوّخوا الاستعمار في بلاده ولقنوه درسا لا ينساه أبدا ولنقل هذه المعلومات يتطلب الأمر كذلك الحرص المتواصل والدائم من قبل الذين عاشوا وعايشو الأحداث عن قرب أو صانعيها أي رجال الميدان ممن تولوا مسؤوليات عسكرية حساسة جدا..  تكيفوا مع نظام سري أعطى ثماره في الوقت المناسب.
ونظرا لانعدام أرشيف هذه الفترة واحتكاره بصفة شخصية ونقصد هنا وجوده لدى أشخاص معينين فإن غفير سارع إلى الكشف عن ما بحوزته من ملفات لاتعدو أن تكون مجرد مراسلات” إفتكها من لدن المقربين منه في حين أن الوثائق ذات الأهمية القصوى توجد لدى القيادات التي ناضلت في المهجر.
وبالرغم من ذلك فإن هذا المجاهد تعهد أو بالأحرى عاهد، كل أولئك الذين ألقي بهم في نهر السين بأن ينقل رسالتهم إلى أجيال هذا الوطن، مهما كانت الشهادات كثرتها أو قلتها المهم خوض هذا الطريق حتى وإن كان صعبا أحيانا.
وفي هذا السياق أبدى المجاهد غفير دهشته من ضآلة الكتابات عن ١٧ أكتوبر ١٩٦١ والتي لاتتعدى ٢٩ كتابا ٢٦ للباحثين الفرنسيين والبريطانيين و٣ للجزائريين وهم على التوالي علي هارون عمر بوداوود، والمتحدث محمد غفير وهذا يبين مدى الفرق الشاسع في إيلاء العناية لهذا الحدث التاريخي الذي يعد حلقة من حلقات تدعيم الكفاح لاستقلال الجزائر.
ومايلاحظ هنا هو أن من كتبوا عن هذه المحطة هم مجاهدون في المقام الأول، وليسوا بأكاديميين أو مؤرخين من ذوي الاختصاص لتبقى هذه “الورشة” مفتوحة من أجل استكمال هذا المسار في تدوين مايتطلبه الأمر لإطلاع الأجيال على ماقام به من سبقوهم من أجل تحرير الجزائر.
وإن كانت هناك كتابات يعتبرها الجزائريون نموذجية ومرجعية كالتي صدرت عن جان لوك إينودي في نقله للحقائق غير أن مانحتاجه هو الكشف عن سر نجاح تلك المظاهرات، ولايكون هذا إلا بلسان الجزائريين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19466

العدد 19466

الجمعة 10 ماي 2024