ديغول وجد نفسه في حالة سيئة إثر القمع الوحشي

المظاهرات عجلت بالمفاوضات بعــد8 أيــام

جمال أوكيلي

إذا كانت مظاهرات ١١ ديسمبر ١٩٦٠ عجلت بالاستقلال، فإن مظاهرات ١٧ أكتوبر ١٩٦١ عجلت بالمفاوضات هذا ما استشففناه من التصريحات الصادرة، عن المجاهد غفير محمد المدعو “موح كليشي” خلال النقاش الثري في “ضيف الشعب”؛ تاريخان مضيئان في مسيرة ثورة التحرير باتجاه الاستقلال... فرضهما الشعب الجزائري المكافح في الميدان وحتما على فرنسا الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
الكثير من المسؤولين الذين كانوا الأقرب من سيرورة الأحداث اعتبروا أن ١٧ أكتوبر ١٩٦١ هو خاتمة المعارك الكبرى التي خاضتها جبهة التحرير الوطني والتي زادت من حركة فوز القيم الوطنية في أعلى مستواها شعر الفرنسيون بقوة مداها وأثر وقعها في نفسية القادة العسكريين الذين وجدوا أنفسهم وعلى رأسهم ديغول في ورطة ولابد من إنقاذ فرنسا مهما كان الأمر والتخلص من كل هذا الضغط الناتج عن الصمود البطولي للجزائريين في فرنسا بدليل أن ديغول وبعد 8 أيام من الحدث خضع للأمر الواقع وشرع في البحث عن التقرب من القيادات الجزائرية عن طريق السويسريين يوم ٢٨ أكتوبر ١٩٦١.
وهكذا بدأت المحادثات التي كانت عبارة عن جس للنبض في أول الأمر المفاوضان الجزائريان هما رضا مالك ومحمد الصديق بن يحي الفرنسيان برونو دولس وكلود شايي وقد خاطب الطرف الجزائري الوفد الفرنسي قائلا:هل أنتم جادون في محادثاتكم؟ وهذا عندما سجل بأن هؤلاء يرغبون في الحديث عن الشمال فقط في حين أن الجنوب لانقاش عليه.
هذا نتاج ما أفرزته مظاهرات ١٧ أكتوبر ١٩٦١ والكشف عن التأثير البالغ لتلك الأحداث على ديغول والإحباط الذي لحق به جراء ماتعرض له الجزائريون في باريس والإدانة الدولية لفرنسا على ما اقترفته من أعمال إجرامية ضد المتظاهرين بقتل ٣٥٠ جزائري إستنادا إلى مصادر نقابية للشرطة التي أوردت فضائح لا يتصورها العقل.. تبدأ بغلق مداخل باريس المقدرة بـ٣٥ بابا واعتقال كل الجزائريين وأخذهم إلى أماكن مجهولة هناك من أحرقوا أحياء بداخل أكياس وهناك من ألقي به من الطائرات إلى البحر.. واعتقال ٥٠٠، ١٢ ألف جزائري.
وبالرغم من هذه الممارسات اللاإنسانية، التي وصلت إلى حد لايطاق، فإن القيادة الثورية آنذاك قررت إحياء الذكرى ٧ لأول نوفمبر ودخل ١٥ ألف معقتل في إضراب عن الطعام.
أصوات... الإنصاف
وتتعالى الأصوات اليوم من داخل فرنسا من أجل إنصاف ضحايا القمع البوليسي الفرنسي خلال مظاهرات ١٧ أكتوبر ١٩٦١ وفي هذا الإطار، طالبت مجموعة ١٧ أكتوبر ١٩٦١ السلطات العليا في فرنسا باتخاذ موقف واضح من جرائم الدولة فبعد ٥٦ سنة لازالت الحقيقة لم تعرف كاملة، كما أن فرنسا لم تعترف بمسؤوليتها في حروبها الاستعمارية، لذلك فإن المطالبة بإظهار الحقيقة والعدالة حتمية لامفر منها وستضع هذه المجموعة اليوم لوحة رمزية بجسر سان ميشال لاستذكار هؤلاء الذين كانوا ضحية الغدر.
ومن جهته، دعا الأستاذ اوليفي لوكور غراندميزون الدولة الفرنسية إلى الاعتراف بالمجازر ضد الجزائريين بعد أن أصبحت معروفة وتعويض القتلى وتكون باريس اليوم على موعد مع سلسلة من الوقفات لاستحضار ذلك اليوم من خلال لقاءات حول تلك الجرائم وعنف الدولة ومراسم ترحم وموائد مستديرة والعروض كما ستشهد فرنسا نشاطات متنوعة تدخل في هذا الإطار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19466

العدد 19466

الجمعة 10 ماي 2024