غلق 20 جريدة وتراجع عدد النّسخ إلى النّصف

الأسرة الإعلامية بوهران تبحث عن ذاتها في يومها الوطني

وهران: براهمية مسعودة

 تعيش الأسرة الإعلامية بعاصمة الغرب الجزائري وهران، وعلى رأسها الصحافة المكتوبة ضغوطات نفسية قاهرة صعوبات مادية واجتماعية حطّمت معنويات المئات وأدخلتهم في دوامة من التيهان والبحث عن الذات، لاسيما وأنّ الكثير منهم بلغ الكهولة ومصيرهم لم يتضح حتى اللحظة.
 أغلبهم طلّقوا الحياة وملاذاتها وعقدوا قرانهم على مهنة المتاعب، وكلهم عزم على تكثيف جهودهم والمضي في العمل والإنتاج من أجل الوطن والمواطن، وهاهم اليوم يحتفلون بعيدهم وكلهم ألم وأمل بغد أفضل، بعدما أغلقت مؤسساتهم الإعلامية أبوابها وسدّت في وجههم مصادر رزقهم الوحيدة، وكل الأحلام والآمال التي كانت معقودة عليها.
 وما زاد من معاناتهم أنّهم ورغم رضاهم بالأجر الزهيد والضغوطات اللاّمتناهية، الأغلبية الساحقة منهم وجدوا أنفسهم في الشارع غير مؤمّنين اجتماعيا وبدون استلام باقي مستحقاتهم، وأبرز مثال على ذلك أمينة قروج، التي استطاعت أن تكسر بكل ثبات وعزيمة لامتناهية حاجز الإعاقة لتضع بصمة قويّة لها في الساحة الإعلامية.
 قالت قروج في تصريح لـ «الشعب»، أن التحدي الكبير الذي يواجه الصحافة المكتوبة في الوقت الراهن يتمثل في «الحفاظ على هويتنا ومكانتنا التي زعزعتها مؤسسات إعلامية همها الوحيد الربح السريع، خارج حقل المصداقية والأخلاق».
تابعت محدّثتنا قائلة: هذه الوظيفة النبيلة لا يزاولها إلا شجاع أو صبور أو قنوع أو متبصر، ممتهينيها لا يبحثون عن المجد ولا الشُّهرة ولا امتلاك المال والنفوذ، بقدر تعطشهم لحصانة قانونية، ترد لهم الاعتبار وتحميهم من مخاطر الحياة والتحديات التي تواجههم في المستقبل.
 كما اشتكت أمينة آلامها النفسية ومعاناتها، بعد غلق جريدة «الوصل» التي خدمتها في ظروفها الصعبة بكل وفاء وإخلاص رفقة كامل زملائها، رغم أنهم لم يتقاضوا أجورهم الشهرية لمدّة تجاوزت الـ 6 أشهر، وغلق أمامهم كافة أبواب الحوار، لاسيما وأن الكثير منهم وجدوا أنفسهم بدون شهادات عمل أو سند قانوني، يشفع لهم في فصول القضاء.
وكان أشد ما أثار حفيظتها، أنّ معظم الجرائد التي تربصت بها أو عملت لديها توقفت نهائيا عن الصدور، ولعل من أبرزها «صوت الغرب» التي التحقت بها سنة 2009 أي عندما كانت في السنة الثانية بقسم علوم الإعلام والاتصال تخصص صحافة مكتوبة بجامعة وهران، ومن تم تنقلت كالنحلة النشيطة إلى جريدة «صحافة الجزائر» التي تواجه هي الأخرى صعوبات مادية تهددها بالغلق، وبعد تخرّجها وحصولها على شهادة «الليسانس» التحقت بجريدة «الوصل» كمتعاونة ومتعاقدة.
 مع العلم أنها تحصلت على شهادة البكالوريا بمعدل 16 من 20، واحتلت الرتبة الثانية وطنيا في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، لتحظى بتكريم خاص من قبل فخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة سنة 2008.
 وقد قدّر عبد القادر محمد، الرئيس المدير العام لمؤسسة الطباعة للغرب، عدد الجرائد التي تم توقيف سحبها نهائيا بـ 9 عناوين، لينخفض عدد الجرائد التي تتعامل معها هذه المؤسسة إلى 50 عنوانا خلال السنة الجارية، بعدما كان عددها يزيد عن 70 جريدة في عام 2012، مشيرا إلى أن معدّل التوقفات يتراوح 6 إلى 7 جرائد سنويا، فيما ربط الأسباب بظروف مالية ودوافع أخرى لم يفصّل فيها.
وفي ردّه على سؤال يتعلق بديون الصحف لدى المطبعة، أشار مدير هذه المؤسسة والكائن مقرها الإجتماعي في وهران إلى أنها كبيرة وقديمة تجاوزت العشرة سنوات خلت، أي قبل الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد في نهاية عام 2013، ومنها جرائد توقفت عن الصدور وهي حاليا في حكم العدالة، بعد فشل الإجراءات الودية.
كما أكّد عبد القادر في تصريح لـ «الشعب» أنّ بعض العناوين الكبرى استطاعت التجاوب نسبيا مع التسهيلات المتّخذة، وعلى رأسها إعادة جدولة الديون، فيما عجزت باقي الصحف الخاصّة التي لم تكن تدفع بصفة مستمرة حقوق الطبع عن تسديد الديون الملقاة على عاتقها.
وكشف في سياق متّصل عن تراجع في عدد النسخ المطبوعة إلى أقل من النصف ابتداءً من عام 2013، بعدما كان العدد خلال السنة التي تسبقها يزيد عن 120 مليون نسخة سنويا، مشيرا إلى أنّ مؤسستهم تتعامل حاليا مع حوالي 50 عنوانا، أغلبهم يعاني مشاكل مادية، ومن بينها 21 جريدة يومية باللغة الفرنسية إضافة إلى 8 أسبوعية تصدر كلها بالعربية.
وفي سؤال آخر لـ «الشعب» عن سبب عدم وجود كل هذه العناوين بالسوق، أجاب قائلا: «مهمّتنا تكمن في الطبع، وكل هذه العناوين تخرج من المطبعة في وقتها»، داعيا إلى البحث والتحري عن هذا الموضوع لأهميته البالغة.
مع العلم أنّ مطبعة بوهران تعتبر من المطابع الرائدة في مجال الطباعة بالجزائر عامة وبالجهة الغربية خاصة، حيث تقدّم خدمات متميزة بجودة ودقّة جد عالية، كما توفّر مجموعة من الخدمات المتنوعة والمختلفة لزبنائها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025