حذر نورالدين بوديسة المدير العام للهيئة الجزائرية للاعتماد، من تبعات مزيد من التأخر في مبادرة المؤسسات الجزائرية في قطاعات الصناعة والصناعة الغذائية والفلاحة والميكانيكا، بطلب الاعتماد لتأمين حظوظها في اكتساب شروط المنافسة، من خلال التمتع بضمان الجودة. ولم يعد ممكنا الانتظار أكثر لإرساء منظومة مراقبة فعالة تحكمها معايير دولية ومن ثمة ضرورة الإسراع في توسيع نطاق مخابر المراقبة في كافة القطاعات من خلال التعامل مع هذه الهيئة ليس كاختيار بقدر ما هو حتمية تحسبا للمستقبل.
وأشار إلى أن سنة 2020 التي ينقضي فيها اتفاق الجزائر والاتحاد الأوروبي المتعلق بتفكيك الرسوم الجمركية، بعد تمديده في 2017، ستكون حاسمة بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين وحتى إدارة الجمارك نفسها، أمام تحرير المبادلات التجارية. داعيا إلى مبادرة الدولة من خلال مؤسساتها القطاعية المختصة بالتوجه لإلزام عالم الاقتصاد بالعمل بنظام الاعتماد، مع مراجعة التشريعات ذات الصلة، والرفع من وتيرة بناء هرم الجودة وفقا للمعايير الدولية.
ولتدارك الوقت أشار إلى أن البداية يستحسن أن تكون بالتكفل بالقطاعات الحيوية التي تشكل الحلقة الضعيفة في الاقتصاد، لما تكلف الخزينة العمومية من موارد جراء الاستيراد وذلك بالتوجه في وقت قياسي وباحترافية إلى وضع تنظيمات تقنية وطنية تشمل معايير للجودة من شأنها أن تساعد على ضبط الاستيراد وفي نفس الوقت مرافقة المؤسسات الجزائرية في التموقع داخل الأسواق الخارجية التي لا يمكن دخولها والمنافسة فيها بدون امتلاك اعتماد الجودة.
وأكد من موقع المتابع للتطورات الاقتصادية في جوانبها الجزئية، أن المعركة اليوم بالنسبة للمؤسسة الجزائرية تكمن في مدى مطابقتها للمعايير الدولية التي تشكل صمام أمان في المستقبل في مواجهة منافسة أجنبية شرسة قادمة لا محالة من كل جهات العالم، خاصة من أوروبا، في ظل عولمة الأسواق وصراع القوى الاقتصادية العالمية من أجل الهيمنة على الأسواق وعرقلة تلك التي تشكل منافسا عنيدا مثل السوق الجزائرية التي تعرف التحولات التي يحملها النموذج الجديد للنمو.
وتوفر هذه الهيئة التي تحصلت على الاعتراف الدولي لمنح الاعتماد، أرضية صلبة لتأسيس شبكة متكاملة وفعالة مشكلة من مخابر متخصصة في المراقبة والفحص والاعتماد كفيلة بأن تحمي السوق من الغش والتقليد وسوف تعزز موقعها أكثر فأكثر مستقبلا، خاصة إذا ما أصبح الاعتماد ملزما قانونا، مثلما يأمله الدكتور بوديسة المتحمس لرفع التحدي، بدءا بالصناعة الغذائية التي لا تغطيها المخابر الحالية.
بالموازاة مع ذلك، يراهن على إطلاق عملية توعية وتحسيس موجهة إلى الفاعلين في الساحة الاقتصادية، في وقت تشهد فيه السوق الاستثمارية حركية واعدة في قطاعات الميكانيكا مثلا، التي لا تتوافر لها مخابر لمراقبة قطع الغيار.
وتقدر احتياجات تأسيس هذه الشبكة لمراقبة المنتجات الغذائية فقط ما لا يقل عن اعتماد 50 مخبرا وفقا لخارطة جغرافية تراعي المسارات التي تعبر منها البضائع على مستوى الحدود البرية (نقاط العبور) والبحرية (الموانئ) والجوية (المطارات). ويقدر مدير عام «ألجيراك» الاحتياجات بحوالي 240 مخبر، تضاف إلى حوالي 100 تنشط حاليا، لتغطية كافة القطاعات الاقتصادية، قبل أن يوضح بشكل دقيق أن طموح أي مؤسسة للتصدير إلى الخارج لا يرتبط بالمنتوج والإجراءات البنكية والنقل، بقدر ما يرتبط جوهريا بمدى توفره على شهادة اعتماد الجودة (معيار 1765).
ويوجد الكثير من المخابر المهملة، سواء على مستوى مؤسسات أو مركبات، يمكن تأهيلها من كافة الجوانب وإعادة إدراجها في المشهد الاقتصادي كحارس على معيار الجودة الذي يتوقف عليه مستقبل المؤسسة الجزائرية، على اعتبار أن المنتوج مضمون التسويق اليوم، قد يتراجع في سنوات قادمة بفعل بنود الشراكة الأوروبية وانعكاسات الانضمام المحتمل إلى منظمة التجارة العالمية وأحكام المنطقة العربية للتبادل الحر والأسواق الإفريقية، وهي كلها فضاءات سوف تفرض على المنتوجات الجزائرية شروطا قاسية ينبغي التحضير لها من الآن من خلال انخراط المؤسسات في مسار اعتماد المعايير الدولية وفي مقدمتها معيار الجودة.