الجزائر بحاجة إلى العمل والإنجازات وليس الكلام
أبرز البروفيسور بشير سعدوني، تخصص تاريخ حديث ومعاصر بجامعة الجزائر-02، عظمة الثورة الجزائرية التي استلهمت منها الشعوب المستعمَرة وساعدت الأفارقة في نضالهم. لكننا للأسف لم نعالج كل القضايا المهمة التي ماتزال مهمشة، داعيا في حديث لجريدة «الشعب»، الباحثين والطلبة والمؤرخين لتناول تلك القضايا كمسألة التعذيب، المحتشدات وجماجم زعماء المقاومة، تفجيرات رڤان وغيرها من المسائل المهمة.
أكد البروفيسور سعدوني أن الذكرى 63 لاندلاع ثورة نوفمبر المباركة، هي أهم نقطة في حياة الشعب الجزائري وأهم حدث تاريخي الذي سبقته ثورات وانتفاضات قائلا: «بعض المؤرخين يقول إن هناك 164 انتفاضة وثورة عرفتها الجزائر، وهذه الثورات كلها لم تصل إلى الهدف المنشود وهو طرد الاستعمار الفرنسي، وجاءت هذه الثورة المباركة وحققت المبتغى». مستشهدا بمقولة أحد زعماء إفريقيا القائل: «إذا كانت مكة قبلة المسلمين، والفاتيكان قبلة المسيحيين، فإن الجزائر قبلة الأحرار» هذه الثورة التي ساعدت الأفارقة قبل وبعد استرجاع السيادة الوطنية. وتأسف في هذا السياق، عن أننا لم نعالج كل ما يتعلق بهذه الثورة وفترة الاحتلال والاستدمار، لأن هناك العديد من القضايا التي ماتزال مهمشة ولم يتطرق إليها الباحثون والمؤرخون والطلبة، في حين الطرف الآخر عالجها بطريقة غير موضوعية وبانحياز.
في هذا الصدد، دعا البروفيسور سعدوني، المؤرخين والباحثين والطلبة الذين يدرسون في الماستر والدكتوراه، إلى الانتقال من الجانب السياسي الذي تم التطرق إليه في موضوع مؤتمر الصومام، و20 أوت 1955، مؤكدا أن هناك قضايا سياسية أخرى واقتصادية مهمة لم تعالج، منها قضايا مراكز التعذيب، المحتشدات جماجم الشهداء الذين مايزالون في المتاحف، اتفاقيات إيفيان، مسألة رڤان والأسلحة النووية والأرشيف وقضايا عديدة تعد بالمئات لا يعرفها جيل اليوم، لابد من تناولها والتقليل من المواضيع المستهلكة.
قائلا: «على الجزائري أن يعود إلى تاريخه ويكتبه وهي من مسؤولية الطبقة المثقفة وبالأخص الجامعة وطلبتها وباحثيها، وإلا فإن الشهداء سيسألوننا ماذا فعلتم بالجزائر التي حررناها بدمائنا، ماذا سنقول لهم؟».
يرى الأستاذ المتخصص في التاريخ الحديث والمعاصر، أنه على كل فرد جزائري العمل على تطوير مجاله كالتاجر والباحث في مجال تطوير البحوث والسياسي أي كل في مجاله، وبحسبه فإننا مازلنا في بداية الطريق في مجال الكتابة التاريخية، فالمصريون، مثلا، كتبوا آلاف الكتب وأنجزوا أفلاما وملتقيات حول انقلاب الملك فاروق وتنصيب محمد نجيب، ونحن الذين نملك ثورة من أعظم الثورات في الكرة الأرضية بعد ثورة الفيتنام، قصّرنا في ذلك وسنحاسب أمام الله والشهداء إذا لم نقم بواجبنا، أضاف البرفيسور سعدوني.
بالمقابل، أشار الأستاذ في قسم التاريخ إلى أن الاحتفال بالثورة المظفرة سنويا يكون رمزيا والأجدر أن يكون الاحتفال الحقيقي بأول نوفمبر عن طريق العمل والإنجازات، والقيام بعمليات تطوعية من بناء وتنظيف الشوارع وإعادة رفات الشهداء لتشريف الجزائر ولا يقتصر فقط على رفع العلم والأناشيد.
قال أيضا، إن الجزائر لا تحتاج إلى الكلام بل العمل، لأن مساحتها الآن تساوي تقريبا 14 دولة من دول أوروبا وإمكاناتها عديدة جدا، لكن كل هذا مهمش وغير مستغل وكان علينا الاحتفال بالعمل بدل الكلام، وتوعية الجيل الجديد وجعلهم يتحملون المسؤولية، لأنهم هم من سيحملون المشعل ويبنون الجزائر مستقبلا، التي تتطلب رجالا ونساء وشعبا مثقفا.
وتأسف لوضعية الطلبة حاليا، الذين لا ينجزون أعمالا مشرفة وبحوثا وابتكارات علمية تخدم الوطن، قائلا: «من المفروض أن هؤلاء الطلبة ينجزون بحوثا وينشئون جمعيات ثقافية، لماذا نجد الأوروبي والصيني أفضل منا، لأنه يبتكر، علينا الابتكار وتحقيق إنجازات لجعل الجزائر مثلما كانت في السابق كل الدول خاضعة لها».