ثمرة شراكة إستراتيجية بين الجزائر والصين الشعبية

بداية استغلال الكومسات -1 للاتصالات الفضائية في جوان 2018

سعيد بن عياد

التخلص من التبعية الفضائية وفك عزلة الأنترنت عن كافة المناطق

حققت الجزائر خطوة نوعية في تعزيز التواجد في الفضاء، من خلال وضع القمر الاصطناعي للاتصالات الفضائية على المدار والشروع في ترتيب نمط استغلاله العام القادم من طرف مؤسسة اتصالات الجزائر الفضائية ومؤسسة البث الإذاعي والتلفزي، ليتعزز مسار تنمية سوق الاتصالات، إلى جانب تأسيس أدوات تأمين السيادة على الاتصالات وتقليص، إن لم نقل إنهاء التبعية لأرضيات فضائية أجنبية.
كشف المدير العام للوكالة الفضائية الجزائرية السيد عزالدين أوصديق، أن تشغيل واستغلال القمر الاصطناعي الكومسات -1، الذي أطلق ووضع على المدار بالموقع 24.8 درجة غرب، على بعد 36 ألف كيلومتر من الأرض، يكون في جوان 2018، ليكون أرضية فضائية تستجيب للاحتياجات الوطنية وحتى الإقليمية في مجالي الاتصالات والبث التلفزيوني والإذاعي، موضحا أن هذا المكسب ثمرة ملموسة للتعاون بين الجزائر والصين ضمن إطار الشراكة الإستراتيجية الموقع من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الصيني سنة 2014 وما تلاه من اتفاقيات ذات أبعاد إستراتيجية بين الوكالة الفضائية الجزائرية «أزال» ونظيرتها الصينية.
وأشار أوصديق في ندوة صحفية، أمس، إلى أنه علاوة على إنجاز القمر الاصطناعي، الذي يقدر عمره بـ15 سنة ويتوفر على الخصائص التكنولوجية العالية، فإن مسار هذه الشراكة النوعية يهدف إلى نقل التكنولوجيا، موضحا أن 360 إطار متخصص تم تكوينهم في تكنولوجيا الفضاء خلال مدة 3 سنوات، بينهم 167 شاركوا في برنامج الكومسات-1، الذي يمثل مفخرة للجزائر وإشارة قوية لمدى الإرادة التي عبرت عنها الدولة للانتقال بالمجتمع إلى عالم الرقمنة.
يندرج التعاون بين الجزائر والصين ضمن آفاق مستقبلية، في ظل مناخ إيجابي يسمخ بالرفع من وتيرته، كون البرنامج، كما أشار إليه مدير الوكالة الفضائية، التي تأكد جدواها من الجانبين العلمي التكنولوجي والاقتصادي، يمتد على مراحل الأولى إلى نهاية 2020 تليها مرحلة أخرى إلى غاية سنة 2040 وفقا لتعليمات سطرتها الحكومة، مما يستوجب مواصلة وتعزيز التعاون مع الشريك الصيني من أجل الاستفادة من الخبرة والتجربة والمعارف المتقدمة في الفضاء.
وتم اختيار موقعين لمتابعة القمر من خلال محطتين: الأولى رئيسية توجد ببوشاوي على مستوى أرضية تابعة لمؤسسة البث التلفزي، تنازلت عنها لفائدة وكالة «أزال»، والثانية ثانوية ببوغزول (ولاية المدية) التي تتوفر على خصائص، كما تتجه لأن تصبح مدينة عصرية مواكبة للتكنولوجيات الجديدة. وتتوفر المحطتان على مركزين مجهزين للمراقبة «جي.سي.اس» والاستغلال «جي.أ.اس» تتكفلان بمراقبة مختلف جوانب القمر الاصطناعي والوصول إليه وصيانة المعدات ذات الصلة وكذا استغلال البث التلفزي والإذاعي والتدفق العالي للأنترنت.
وبفضل هذا المكسب، يمكن اقتصاد ما تنفقه البلاد في سوق الاتصالات بحوالي 100 مليون دولار سنويا، أي ربع كلفة القمر الكومسات-1، الذي تقدر كلفته بين 250/300 مليون دولار، وهي كلفة تندرج ضمن البرنامج الشامل بكل المرافق والتكوين. علما أن الشريك الصيني وفر امتيازات تفضيلية.
وأكد مدير الوكالة الفضائية، أن التمويل وفرته الحكومة لتأمين إنجاز كل مراحل البرنامج المسطر والمتعلق بـ5 أقمار اصطناعية من ألسات1، 2أ، 2ب و1ن، موجهة لمهام مراقبة الأرض والوقاية من الأخطار الطبيعية ورصد الأقاليم ومراقبة حركة الجراد وتصوير الخرائط، والكومسات-1 للاتصالات الذي وضع الجزائر ضمن مجموعة البلدان المتواجدة في الفضاء، وهو تواجد يلبي احتياجات البلاد في شتى جوانب التنمية والوقاية، مع توفير الخدمات للبلدان في شمال القارة الإفريقية والساحل والصحراء.
ويمثل الرهان على الموارد البشرية، خيارا محوريا في هذا التوجه الذي يرتكز على برنامج طويل الأمد، بحيث يجري إنجازه وفقا لرؤية متكاملة تعتمد على الابتكار، من خلال مضاعفة الجهود في البحث والتنمية التي توفرها المادة الخام للعنصر البشري المتمثل في مهندسين وتقنيين يؤسسون لإرساء أدوات مواجهة التحديات المستقبلية وأبرزها الاتصالات الفضائية.
وإلى حين ضبط كافة جوانب استغلال القمر الاصطناعي، الذي يغطي التراب الوطني وشمال إفريقيا، يتم العمل للانتهاء من ترتيب الجوانب التجارية للخدمات التي يوفرها في سوق الاتصالات، وهو ما يتطلب القيام بدراسات دقيقة محليا ودوليا، لضبط لائحة الأسعار الملائمة للسوق وذات التنافسية. علما أن هذه الأداة تمتاز بتقنيات عالية لا تقل عن الأقمار الاصطناعية المتواجدة في الفضاء حاليا، بالأخص بفضل ما يتميز به من ترددات ku لقنوات التلفزيون والإذاعة وka لخدمات الأنترنت عالي التدفق والتردد L للنظام الوطني للتعزيز الفضائي.
للإشارة، يشهد الفضاء الكوني تواجد أربع منظومات مشكلة من شبكات أقمار اصطناعية هي «جي.بي.اس» للولايات المتحدة الأمريكية، «غاليلو» للاتحاد الأوروبي، «غلوناس» لروسيا و»شنزو» التابع لجمهورية الصين الشعبية والذي يدخل ضمنه القمر الاصطناعي الجزائري للاتصالات الفضائية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024