شهدت الساحة السياسة الوطنية عدة تغيرات وأحداث خلال سنة 2017، ورغم ما قاله بعضٌ إن هذه التغيرات ستتسبّب في تأخير المصالح والمشاريع وحدوث احتجاجات، لاسيما مع المصادقة على قانون المالية لسنة 2018، إلا أن توقعاتهم خالفت ذلكو فقد سارت أمور الدولة بشكل عادي والدليل على ذلك هو الاستمرار في دعم التوجه الاجتماعي للدولة من خلال الحفاظ على مستوى التحويلات الاجتماعية وكذا رفع التجميد عن المشاريع الهامة في القطاعات.
مرّت سنة 2017 في هدوء ودون مشكل، وهو ما خالف توقّعات الخبراء والإعلاميّين، الذين ذهبوا إلى أنّها ستعرف صعوبات وتأثيرا على السلم الإجتماعي بسبب نقص المداخيل، بحيث استمرت الدولة في توزيع السكنات الإجتماعية والإهتمام بالفئات الهشة، وهذا تأكيد من الحكومة على استمرار الجانب الإجتماعي في إطار الحفاظ على السلم الإجتماعي.
فعلى الصعيد السياسي، عرفت الجزائر ثلاثة تغيرات حكومية أولها إنهاء مهام الوزير الأول السابق عبد المالك سلال في 13 جوان 2017، والذي بقي على رأس الحكومة لأطول مدة، يليه عبد المجيد تبون الذي حكم لمدة ثلاثة أشهر من 24 ماي إلى 15 أوت 2017 والتي تعتبر، بحسب المحللين، أقصر مدة يقضيها رئيس الحكومة في تاريخ الجزائر، وآخرها حكومة أحمد أويحيى الذي عين بتاريخ 15 أوت 2015، بحيث صاحب هذا التغير تنحية وزراء ومديري مؤسسات عمومية وتعيين آخرين في حين تم تجديد الثقة في وزراء آخرين.
وقد تباينت آراء الأحزاب والمحلّلين السياسيين يومها حول الوافد الجديد - القديم لمبنى قصر الدكتور سعدان، فمن رأى فيه الرجل الأصلح القادر على التحكم في زمام الأمور، وأنه قرار صائب جاء في وقته، كونه على دراية واسعة بما يحدث على الساحة الوطنية، فيما رأى آخرون أن هذا القرار مفاجئ وليس له مبرر قوي، واصفين إيّاه بأنه عبارة عن تدوير للمناصب وليس تداولا للسلطة.
ثاني حدث هو قانون المالية 2018، الذي رفع عدة رسوم على المنتجات البترولية والتبغ والنشاطات الملوثة والمياه الصناعية والأكياس البلاستيكية، كما أدرج ضرائب جديدة لمواجهة انهيار عائدات الجباية البترولية والحفاظ على البيئة وهو ما أثار تخوف الجميع من حدوث احتجاجات.
في هذا الشأن يرى الخبراء أن الأزمة التي واجهت الجزائر، على خلفية انهيار أسعار البترول حملت أمورا إيجابية، حيث ساعدت في إعادة هيكلة المؤسسات وبعث الروح فيها من جديد، بالتوجه نحو التصدير وعدم الاعتماد على المحروقات وتنويع الاقتصاد.
كما شهدت الساحة الوطنية تنظيم الانتخابات المحلية في 23 نوفمبر 2017، التي جرت بصورة عادية وأجريت في موعدها، في الوقت الذي راهن فيه بعض على العزوف، إلا أن الإدارة نجحت في تنظيم الانتخابات وأقبل المواطنون على صناديق الإقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس البلدية والشعبية، وكان ذلك ردا على المشكّكين والمقاطعين.
أما اقتصاديا، فقد تواصلت أهم المشاريع وتم عقد منتديات واتفاقيات للشراكة والتعاون في مجال الطاقة والصناعة، من أجل النهوض بالمؤسسات الوطنية لتصدير المنتوجات المحلية إلى الأسواق الإفريقية والخارجية، والمندرجة في إطار تنويع الإقتصاد الوطني وتجسيد النموذج الجديد للإقتصاد، للتخلص من تبعية المحروقات، وانهيار أسعار النفط الذي صاحبه نقص المداخيل. كما تم تنظيم عدة معارض منها صالون الفلاحة والمعرض الجزائر الدولي.
وبفضل المحيط الهادئ الذي شهدته السنة الماضية، ظلت الجزائر قبلة لعدة دول ومسؤولين لحل مشاكلهم الداخلية والأخذ بتجاربها في الملفات الشائكة، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب، بعقد منتدى رفيع المستوى بوهران ترأسه عبد القادر مساهل وحضره ممثلي الدول الإفريقية، بحيث أسفر المنتدى عن توصيات سترفع إلى القمة الإفريقية المقبلة المقرر عقدها في أواخر جانفي 2018، وهذا من أجل توحيد الرؤى وتعزيز التعاون في مجال محاربة التطرف العنيف والإرهاب.
وأكّد المنتدى على ضرورة تكثيف التنسيق وتبادل المعلومات وتحسين المعرفة بالفئات العائدة من المقاتلين الأجانب، وتعزيز إدارة الحدود لتخليص القارة من آفة الإرهاب والجريمة المنظمة.