انطلقت هذا الأسبوع في عدد من بلديات بومرداس عملية إيداع واستقبال ملفات طالبي السكن الترقوي المدعم «البيا» في صيغته الجديدة الموجه للطبقة متوسطة الدخل كآلية تكميلية لباقي الصيغ السكنية الأخرى التي أطلقتها وزارة السكن والعمران من أجل توسيع فرص الاستفادة لجميع الفئات وتخفيف الضغط عن السكن الاجتماعي الايجاري الذي تعد آلاف الطلبات مكدسة حاليا بالدوائر مقابل ضعف العرض نتيجة تأخر تسليم المشاريع المبرمجة..
تشهد ولاية بومرداس وتيرة متسارعة في إتمام مختلف المشاريع السكنية المبرمجة في إطار المخططات الخماسية الماضية وكذا البرنامج الإضافي الذي استفادت منه الولاية خلال الزيارة التي قام بها الوزير الأول السابق عبد المالك سلال من اجل القضاء على الشاليهات والسكن الهش المقدر بـ4 آلاف وحدة تضاف الى 8 آلاف وحدة بمجموع 12 ألف وحدة، وهي حصة معتبرة لتسوية هذا الملف الشائك الذي وصل مرحلة متقدمة من المعالجة عن طريق عمليات إعادة الإسكان التي قاربت 25 عملية منذ ديسمبر سنة 2016.
كما جاءت هذه الصيغة السكنية الجديدة أيضا لإعادة إحياء الصيغ القديمة المشابهة على غرار السكن الاجتماعي التساهمي الذي ساهم بشكل جزئي في معالجة أزمة السكن الخانقة التي دخلت فيها ولاية بومرداس خلال العقدين الماضيين بسبب تعطل وتأخر تسليم عشرات المشاريع التي تدعمت بها لأسباب مختلفة، حيث لا تزال الكثير من المشاريع المسجلة في هذه الصيغة دون تجسيد وأخرى متوقفة في عدد من البلديات رغم استقبال أعداد كبيرة من الطلبات التي تنتظر التسوية، وعليه يمكن القول أن السكن الترقوي المدعم في حالة توسيعه ومتابعته في الميدان بجدية بإمكانه التعويض عن هذا التأخر الذي عرفته الولاية.
إلى جانب هذه الصيغة السكنية استفادت بومرداس من عدة مشاريع أخرى أبرزها صيغة عدل التي تشهد انجاز جملة من المشاريع في كل من برج منايل، الكرمة وبلديات خميس الخشنة، خروبة وأولاد موسى مع حرمان بلديات أخرى كانت مبرمجة للاستفادة من مشاريع سكنية مثل بلدية الناصرية، بغلية ودلس، لكنها مشاريع تسير بخطى متباطئة ولا تستجيب لحجم الطلبات المودعة حاليا خاصة بالنسبة لمكتتبي 2013.
في حين تبقى صيغة السكن الريفي الأكثر أهمية في المساعدة على استقرار سكان القرى وتشجيع العائلات النازحة خلال العشرية السوداء للعودة إلى مناطقها تعاني من العراقيل البيروقراطية وأزمة الملكية ورخصة البناء وإشكالية مسح الأراضي بالأخص بالنسبة للأراضي التابعة لأملاك الدولة والبلدية التي تمثل نسبة كبيرة من مساحات البلديات الريفية وشبه الريفية.
وبالتالي نستطيع القول في النهاية أن أزمة السكن بولاية بومرداس ليست مرتبطة بنقص المشاريع أو الأغلفة المالية الكبيرة التي خصصتها الدولة لإعادة إحياء المنطقة وبعث مسار التنمية بها بعد استتباب الأمن وعودة الاستقرار إلى ربوعها، لكن نتيجة غياب رشادة التسيير والتلاعب بالمشاريع التنموية واستغلال ملف الشاليهات للبزنسة بالسكنات الاجتماعية على حساب أصحاب الحق والأولوية من المواطنين الذي أودعوا طلبات السكن قبل سنوات طويلة.
في حين استهلك 15 ألف شالي كل المشاريع السكنية الاجتماعية التي استفادت منها الولاية منذ سنة 2000 المقدرة بثلاثة أضعاف ولا تزال تبتلع حتى في المشاريع الجديدة وهو ما أثار حفيظة المواطنين الذي يتساءلون ويحلمون عن تاريخ الحصول على سقف عائلي في ظل هذه الظروف..