لم تسلم الجزائر وهي تعيش فاجعتها، وتبكي شهداءها الـ 257 ضحايا تحطم الطائرة العسكرية، من استغلال الكارثة الجوية الأليمة من قبل البعض لأغراض سياسية، متخذين من مواقع التواصل الاجتماعي فضاء لهم للتشفي، وذلك دون مراعاة أبسط الظروف في مثل هذه الحوادث، متجردين من كل إنسانيتهم، ورغم أن الأمر يتعلّق بمصاب جلل، كتب القدر لضحاياه نهاية غير التي أرادوها، فعوّض الفراق الأبدي، اللقاء الذي كان منتظرا، بعد سويعات الرحلة الجوية.
لم يمر استغلال الفاجعة التي ألمت بالجزائر، التي فجعت في خيرة أبنائها، اثر تحطم طائرة تضمن رحلة المسافرين من القاعدة الجوية ببوفاريك، إلى تندوف كمحطة أولى قبل التوجه إلى بشار، مرور الكرام والجزائريون كعادتهم ترفعوا عن من استغلوا محنتهم وحزنهم، لكن الردود جاءتهم على نفس الفضاء أي مواقع التواصل الاجتماعي، التي انتقدت بشدة استغلال حادث أليم بمنتهى اللاإنسانية.
وفي الوقت الذي استغلت فيه بعض الجهات مصاب الجزائر وتشفت فيها عوض مواساتها ومؤازرتها، على غرار ما قامت به كل دول العالم، وفق ما يقتضي الظرف، الذي يحتم على الجميع التضامن، لاسيما وأنه لا أحد في منأى عن مثل هذه الحوادث، فإن عديد الدول سارعت إلى تقديم التعازي، والتعبير عن تضامنها مع الجزائر، أمر طبيعي في هذه الحالات، كون حوادث الطيران تستدعي تضامن واهتمام العالم أكمل.
وعرّت هذه الحادثة الأليمة التي كشفت عن مواقف متجردة من كل إنسانية، حقائق بعض الجهات، التي لم تتوان في استغلال الوضع وأكثر من ذلك التشفي في حادث جوي، لا أحد في منأى عنه، مقزمة نفسها لم يكن لها وقعا في بحر التضامن الدولي مع الجزائر، التي فجعت في فلذات كبدها، في أكبر حادث من حيث الخسارة البشرية، راح ضحيته شهداء الواجب الوطني من أفراد الجيش الوطني الشعبي وعائلاتهم.
الجزائريون أوفياء لعاداتهم، وطبيعتهم ممثلة ـ في الجزائر قبل كل شيء ـ التي تسري في دمائهم، سارعوا رغم وقع الصدمة، إلى التعبير عن تضامنهم مع عائلات الضحايا، واقفين وقفة رجل واحد في محنة الجزائر، تماما كالوقفة الشجاعة لقائد الطائرة المنكوبة الذي جنّب سقوط المزيد من الضحايا، بتحويل وجهة الطائرة من الطريق السريع إلى حقل غير آهل بالسكان، راسما أجمل وأعظم صور التضحية، التي عهدتها الجزائر دائما في أبناءها.