صدام الحضارات قابله حوار الثقافات والديانات
حلّل عبد القادر صوفي أستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر - تحليلا مستفيضا ووافيا مفهوم « العيش معا في سلام» الذي بادرت به بلادنا ليكون يوما دوليا تحييه الشعوب التواقة الى عالم خال من كراهية الآخر ينحو باتجاه نشر قيم التسامحج يقبل بالجميع لا يقصي أحدا شعاره أدخلوه آمنين».
ارتأى الأستاذ صوفي بأن يميط اللثام عن الخلفيات الكامنة وراء الارهاصات الأولية التي مهدت الأرضية السليمة للسير على هذا الدرب الشاق والمضني المتعلق بتوفير الاطار العام لاقامة ما يأمله الأفراد الا وهو العيش معا في سلام.
ويعتبر الأستاذ صوفي أن هذا المفهوم يعني القبول بالآخر والاعتراف بالاختلاف والتنوع هذه المنظومة من القيم الانسانية نتاج إفرازات الحرب العالمية الثانية التي أضرت كثيرا بالبشرية جمعاء، وكان لاب دمن ايجاد الصيغة السياسية المثلى لترجمة هذه المعاناة في التزامات مكتوبة وردت بوضوح في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة، كي تنضوي الشعوب تحت مظلة العيش معا في سلام عززته ترسانة من المعاهدات فيما بعد تجلى ذلك بامعان في بنود النص الخاص بحقوق الانسان الصادر في ١٠ ديسمبر ١٩٤٨ كل هذه المراجع القانونية تريم فيما ترمي الى إدراج الجميع ضمن توجه واحد الا وهو القبول بالآخر وعدم تهميشه رغم الاختلافات، وفي هذا الصدد لابد من الاشارة الى أن ما أعده الغرب في هذا المجال تم في غياب أكثرية الشعوب المعنية بذلك، وحتي لا تبقى هذه الصفة طوباوية فماذا نعني بقول القبول بالآخر؟ هل يتوجه الى الجميع اوفرض نمط معين يمليه الآخر؟ كماحدث مع العولمة وهذا كله من أجل تفادي المفارقات بين المبادئ النبيلة للمجتمع الدولي والواقع السياسي وبأكثر دقة ووضوح فان الولايات المتحدة تدعي الحرص على هذا العالم وفي مقابل ذلك تعمل على نشر الفوضى فيه وهذا الخطاب المزودج لابد وأن يتلاشى ويختفي مر واحدة ليحل محله بدائل أخرى أكثر قبولا من طرف الآخر.
وتسادل الأستاذ صوفي كيف نعيش معا في سلام؟
مرجعا ذلك الى الاطار القانوني الضامن للعيش معا في سلام وبالتوازي مع ذلك اعادة النظر في البعض منها. المقاربة الجزائرية وتبعا لذلك، فان المقاربة الجزائرية التي تؤكد على العيش في كنف السلام مبنية على مضامين قوية، ومنطلقات واقعية منها الموروث الانساني المكتسب النابع من الخصوصيات المحلية للشعوب، وكل ماينظم العلاقات بين الأفراد والجماعات.
والأكثر من هذا فان التجربة الجزائرية قائمة على المصالحة الوطنية التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أعادت السلم الى كافة ربوع الوطن، هذه القيمة الانسانية أسست لثقافة التسامح للعيش في سلام.
استطاع هذا المشروع المجتمعي ان يقضي عل ىكل الأحقاد والضغائن بالرغم مما حصل ففي فترة قياسية عدا السلم الى الجزائر وهكذا أصبحت هذه الآلية نموذجا دوليا يحتذى به والعلم به بدءا باعتراف الأمم المتحدة وانتقاهلا الى مالي، ليبيا، وسوريا.
ونظرا لأهمية الموضوع في حياة الشعوب أورد الأستاذ صوفي امثلة حية عن العيش في سلام معا كما هو الأمر في البلدان الاسكندنافية ، ليس هناك تفسير لذلك الا القول بأنه لا وجدو للخوف من الآخر.
والانسان بطبعه اجتماعي، لايمكن أن يعيش منعزلا وبالتالي فان حاجته للآخر، ضرورة لامفر منها زيادة على نسجه لعلاقات وطيدة مع أفراد المجتمع ويزداد هذا التعاضد بين أفراد المجمع للعيش في سلام من خلال المواعيد والمناسبات، لاينظر اليها على أنها اجواء احتفالية بل هي رسال قوية مفادها تماسك المجتمع وقدرته على ضم الجميع من أجل العيش في سلام.
وتحدث الأستاذ صوفي عن الحالات التي ماتزال تعترض العيش معا في سلام على الصعيد الدولي منها مسألة الأقليات الناجمةعن المناورات الخارجية التي تستثمر في هذا الملف هذا ماأدى دائما الى اعتبار هذه الأمر حاجزا يمنع اي تقابر بينأبناء الوطن الواحد.
وهناك من تحدث عن صراع الحضارات، تعالت أصوات مقابلة داعية إلى حوار الحضارات والثقافات والديانات ومن بين هؤلاء الرئيس بوتفليقة والمقصود من صرع الحضارات هوأن الخطر الداهم ديني اي بين المسيحية ،الاسلام والكنفوشوسية، هذا الطرح هو بمثابة مقدمة لسيناريهات قادمة، المحددة لطبيعة العدو في المستقبل، بعد نهاية التاريخ (تصدع المعسكر الشيوعي في أوروبا) والمغزى العميق من إحياء هذه المناسبة من قبل الأمم المتحدة هو مخاطبة العقول اي أن هناك امكانية العيش معا في سلام حقيقي، في ظل الاحترام المتبادل وقبول الآخر مهما كان الأمر وهذا بالاسناد الى مايجمع بين الأفراد.