مشاهدة المواقع الحاملة لقيم الثورة تتطلب إبداعا في الصورة والصوت

الفايسبوك أو ما يصطلح على تسميته مواقع التواصل الاجتماعي ليس فضاء مخصص لنشر كل ما له علاقة بالإثارة والطرافة صورة وكتابة وحتى إن كانت هذه القاعدة فإن هناك الإستثناء.
هذا الخيار يصنعه شبان وشابات لهم باع طويل في التحاور مع الآخر، من خلال هذه الواجهة وهذا بالسعي الجاد من أجل أن يكون لهم تأثير مباشر في مضمون الرسالة الموجهة إلى كل من يخاطبونهم عبر “الهوا” دون أي حواجز تذكر وهذا بالترويج للقيم الوطنية وحب الجزائر، وشحذ الهمم، وإذكاء روح التضامن، ومبادئ العدالة الاجتماعية، والتعلق بثورة نوفمبر المجيدة.
في خضم  هذا الجو المفعم باستحضار ذاكرتنا عشية ذكرى عيدي الإستقلال والشباب، كان لنا حديث شيق، وحوار هادئ، ونقاش ثري مع نشطاء محترفين خالد عمارة وإلياس مزغيش وقاصد حنان الذين فعلا كشفوا لنا عن خبايا وخفايا هذا العالم الآخر، الذي يسير من خلال الأزرار والنقر على الصفحات للولوج إلى الضفة الأخرى أي التلاقي من خلال “الكتابة” خاصة تبدأ بعبارة “السلام عليكم” إلى غاية “تصبحون على خير” وهذا ما يبيّن قوة أو شدة الصلة بالآخر طيلة ذلك اليوم.
ويشغل كل من يسبح في هذا الفلك، الفرصة “النادرة” لأن يمرّر بذكاء خارق ما يتبادر إلى ذهنه مما يملكه من قدرة فائقة وبداهة فريدة في التأثير على من يتم التواصل معه.
فهل بالإمكان مثلا جلب الفايسبوكيين” إلى قراءة النصوص التاريخية المتعلقة بالمقاومة الشعبية والثورة التحريرية ؟ وهل بالإمكان تكوين “جيش إلكتروني” للدفاع والرد على كل ما يسيء إلى الجزائر من طرف البعض من الأطراف؟ وكيف يمكن التوصل إلى تلك الهبة التضامنية التاريخية والإستثنائية التي أبداها الجزائريون خلال سقوط الطائرة العسكرية مؤخرا كتعبير في أرقى صورة، وأسمى معاينة، في ترجمة الوحدة بين أبناء الوطن في السراء والضراء؟ وسنحاول من خلال ما قاله محدثونا أن نستشف حقائق ما يجري بخصوص هذا الشأن إستنادا للتجربة التي يعايشونها يوميا.

علينا بجيش إلكتروني

يقرّ الشاب خالد عمارة وهو ناشط جمعوي بأن له قرابة ثلاثة آلاف صديق، عبر مواقع التواصل الاجتماعي شغله الشاغل هو السعي الحثيث من أجل تأطير كل هذا الكم الهائل في مسار تحسيسي يندرج  ضمن التوجه القائم عليه المجتمع المدني، وهذا ليس عملا عفويا بعيد المنال وإنما له تبعات واقعية وهذا بإبراز فعلا ما تسوق له جمعية “نجوم الشباب” من فعل ثقافي بكل تفرعاته.
التوجه إلى فئة الشباب عبر “الفايسبوك” يحتاج فعلا إلى كفاءة عالية، يدعمه اكتساب مهارات فائقة في التقنيات والتحكم في تداعياتها وهذا ما يعرف بالمهنية أو الاحترافية قصد فسح المجال واسعا أمام الآخر ليكون طرفا فاعلا وشريكا أساسيا في التفاعل مع ما يخاطب به وهذا بإعادة استثمار أفكاره وتثمينها من خلال إعادة بثها.
ولابد من الإشارة إلى أن القائمين على الفايسبوك تقع على عاتقهم مسؤولية ما ينشرونه، وما يترتب عن ذلك من إفرازات خاصة منها التعاليق التي كل مرة تجدها على صفات معينة، قد لا يتوقعها أحد.. وهؤلاء يتابعون عن كثب ما يصدر عن “المبادر بالفكرة” وأول ما يأملونه هو أن يكون القدوة أي هو ما يظهر تلك النوايا الحسنة في تطبيق ما دعا إليه.
وتبعا لذلك، فإن هذا الفضاء يجب أن يكون خاضعا لتنظيم محكم، من طرف أهل الاختصاص فكل بلد له ما يعرف بـ«الجيش الإلكتروني” يتحرك في الوقت المناسب للرد على كل ما يتعرض له الوطن من محاولات المساس به وقد وقفنا على ذلك في عدة أحداث وحاليا نحن بصدد تسجيل كل من يرغب الانضمام إلينا لإحياء عيدي الاستقلال والشباب وهذا عبر الفايسبوك في نشاط “فريستايل” وذلك باسطوالي وإلى غاية اليوم ما تزال طلبات المشاركة تتهاطل علينا من ٤٨ ولاية.
وشدد خالد عمارة في هذا الشأن، بأنه من الخطأ الاعتقاد بأن هذا الفضاء مفتوح على مصراعية هذا غير صحيح هناك معوقات منها أن نسبة المشاهدة تكون أحيانا محدودة جدّا، ومن أراد توسيع المجال فما عليه إلا دفع مستحقات إضافية وهذا فعلا ما يعرقل أي مسعى في هذا الشأن ويحرج كثيرا الجالسين وراء جهازهم في محاولة التواصل مع أكبر عدد من الناس.
ما يجب التنبيه له هو أن إدارة الفايسبوك تتيح المزيد من فرص الانتشار للصفحات ذات طابع التسلية والترفيه أكثر من الصفحات الجادة التي تهتم بالشؤون السياسية وغيرها، هذا ما لاحظه جميع من ينشط في هذا الاختصاص.
وبالرغم من محاولات التضييق فإن القناعة الراسخة لدى هؤلاء الناشطين هو عدم الاستسلام أو الخضوع للواقع وإنما هي معركة وجود في إقناع الآخر، والفكرة ذات المتانة الجماعية هي التي تصمد في هذا الإطار لأنها مبنية على العمل المشترك والتنسيق والاجتهاد كذلك في تصحيح صورة الشباب.

فهم جيد لذهنية الآخر

ويرى الشاب إلياس مزغيش ناشط في مجموعات الفايسبوك أنه عندما ينشر مقالا لا يتركه أو يتخلى عنه بل يراقبه عن كثب وفي هذا السياق فإنه في مقابل ذلك يسعى لفهم جيدا ما يريده الآخر. والكثير من القضايا الحساسة ذات الطابع السياسي يعثر عليها عبر هذه المواقع خاصة تلك التي يراد منها المساس بالوحدة الوطنية والتماسك الشعبي.
وفي هذه اللحظات يوجه إلياس مزغيش رسائل خاصة لكل هؤلاء الذين يخوضون في هذا الموضوع وهذا بشرح لهم بالتفصيل الخلفيات المضرة، لما يكتبونه وعندما يعي جيدا ما يرمون إليه يقوم بتوجيه هؤلاء إلى ما يخدم الصالح العام، مؤكدا على الفعالية الميدانية والقدرة العملية على كسب الآخر.
يلح مزغيش على الفارق الواجب أن يوضع في الفايسبوك، والقصد الكفاءة في التحكم في التقنيات ولابد من النجاعة في هذا العمل مع إقامة علاقات واسعة والاستفادة من مصادر أخرى حتى يمكن التأثير. ولتحقيق كل هذا ما على الفايسبوكيين إلا الاعتماد خاصة على الصورة والفيديو ومخاطبة الآخر بذكاء.

الكفاءة في إدارة التواصل

الشابة قاصد حنان تسير جمعية زهرة بلادي ذات الطابع الفني والثقافي، لها ثلاث صفحات للتسلية والترفيه، بالإضافة إلى جمعية فرع محمد بلوزداد وجمعية ولائية كلها تنشط في المجال الخيري التطوعي.
ولا تتأخر حنان في المشاركة في المناسبات الوطنية كان آخرها اليوم الوطني للقصبة، باستضافة كل من يثري هذه الأحداث وندعو الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعشية عيدي الاستقلال والشباب هناك عرض للنساء اللواتي يرتدين “الحايك” ويقدر عددهن بـ ٥٠ إمرأة هناك الأناشيد الوطنية، وتوزيع الرايات، ودعوة لتعليق الأعلام بالشرفات.
وبخصوص كيفية نقل هذا الكم المعتبر من القيم إلى الآخر تربط حنان العمل بالتمتع بالكفاءة في تقديمها في الصورة الجذابة والمغرية صورة وكتابة لأنه من الصعوبة بمكان أن تجد من يطلع على النصوص التاريخية المنشورة بل الجميع يريد المشاهد الحية، هذا ما يجعله دائما قابلا للتواصل مع الآخر وفق نوعية الموقع الذي يعكس حقا مهارة أصحابه في تبليغ القيم الوطنية وهذا نشاط دائم لا كلل ولا ملل فيه، وإنما الإيمان العميق والاعتقاد الراسخ بالمضمون المنشور، على أمل أن يكون محل مطالعة في الأوقات المناسبة.
لذلك، فإن الأسئلة المطروحة في المقدمة قد لا نجد لها الإجابة الشافية والوافية وهذا للاعتبارات السالفة الذكر، منها خاصة ما يعرف بلحظة وقوع الحدث ليليه مباشرة ذلك التفاعل الفوري أما فيما يتعلق بالمسائل الأخرى فتتطلب وقتا طويلا لمسايرتها.